لماذا يخافون من محمد البرادعى؟

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الثلاثاء 29 مارس 2011 - 9:22 ص بتوقيت القاهرة

 الحرب ضد الدكتور محمد البرادعى أخذت أشكالا جديدة أكثر عنفا وقذارة هذه الأيام، بما يتجاوز بمراحل تلك الأساليب الساقطة التى اتبعوها مع الرجل لدى دخوله لأول مرة فى معترك السياسة المصرية.

ويثير كل هذا العنف فى استهداف البرادعى سؤالا مهما: لماذا يخافون من محمد البرادعى؟ ومن هؤلاء الخائفون إلى حد تشغيل ماكينة الأكاذيب بكل طاقتها ضده، على الرغم من أن الرجل هو الأقل ظهورا على الفضائيات، والأكثر تمهلا فى اتخاذ قرار خوض الانتخابات الرئاسية؟

إن الذين يمضغون الأكاذيب الرخيصة ضد البرادعى ويبصقونها بلا حياء أو خجل عبر صفحات جرائدهم لا يسيئون للرجل بقدر ما يسيئون للمؤسسة العسكرية ولمجلس الوزراء، باعتبارهما الجهتين المسئولتين عن إدارة مصر الآن.

وعندما يخرج رئيس تحرير جريدة المساء ليقول فى الصفحة الأولى إن البرادعى ذهب إلى لجان الاستفتاء فى المقطم ليوزع نقودا على المواطنين كى يقولوا «لا» فهذا اتهام وطعن فى الجهة المشرفة على الاستفتاء وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لأن ذلك يعنى ببساطة أن عملية الاستفتاء لم تكن محكومة بما يكفى من الضوابط التى تجعلها نظيفة وشفافة.

وقد طالبت فى هذا المكان رئيس تحرير المساء لكى يتقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد البرادعى إن كان مقتنعا بالفعل بأن الذين اعتدوا عليه «مواطنون» وليسوا بلطجية، كما طالبت البرادعى بعدم السكوت لأن ما نشر تخطى كل حدود الخصومة الشريفة.

وإذا كانت وزارة الداخلية قد تحركت متأخرة للغاية ووضعت حراسة هزيلة على البرادعى، فإن الذين يمسكون بملف تغييرات الصحافة المصرية مطالبون بإجراء سريع يرد الإهانة الموجهة إلى المؤسسة العسكرية بنشر ذلك الخبر الملفق ضد البرادعى، الذى اعترفت الصحيفة بتلفيقه فيما بعد زاعمة أنها نشرت ما قاله «مواطنون» لم تذكر اسم واحد منهم، كما تقتضى المهنية الصحفية.

ومن ثم فإننا أمام جريمة نشر مكتملة الفصول، وإذا مرت دونما تحقيق ومساءلة ومحاسبة فإننا نكرس لحالة من الانفلات الإعلامى، لا تقل خطورة عن حالة الفلتان الأمنى التى عاشتها البلاد أثناء الثورة.
ويبقى السؤال: لماذا البرادعى تحديدا يتعرض لكل هذه الطعنات المسمومة وحده، رغم وجود شخصيات أخرى محترمة أعلنت بوضوح عن الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة؟

أغلب الظن أن البرادعى وكما قال عنه مصطفى الفقى فى لقاء تليفزيونى يجسد قيمة النقاء والطهارة، كونه الوحيد الذى لا يحمل على ظهره إرثا من التعامل مع النظام الذى أسقطته الثورة، وبالتالى إذا حكم مصر فسيكون ذلك من خلال منظومة قيم تعتمد على الشفافية والمحاسبة والكفاءة.. وعليه فوجود شخص مثله فى قمة السلطة يعنى محاكمة الفاسدين وعلى جرائمهم بعيدا عن شعار «عفا الله عما سلف».

ولكل ذلك وغيره يعد البرادعى شخصا غير مرحب به من قطاعات تركب الجمال والحمير وتمتطى الصحف الحكومية وتحارب من فوق ظهورها أنبل وأجمل من أنجبت مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved