إعدام عبدالفتاح الشريف

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الثلاثاء 29 مارس 2016 - 9:50 م بتوقيت القاهرة

عنصرية فاضحة تلك التى يدلل عليها الصمت العالمى على جريمة إعدام جيش الاحتلال الإسرائيلى لشاب فلسطينى فى مدينة الخليل بالضفة الغربية.

يوم الخميس الماضى، أصيب الشاب الفلسطينى عبدالفتاح الشريف بعد اشتراكه مع شاب آخر فى مهاجمة موقع لجيش الاحتلال الإسرائيلى. سقط الشريف على الأرض نازفا وغير قادر على الحركة، ولم يسعف على الرغم من تأكد ضابط إسرائيلى من أنه لا يحمل أحزمة ناسفة أو متفجرات. بعد مرور بضع دقائق اقترب جندى إسرائيلى من الشريف وأطلق عليه النار ليرديه قتيلا، ثم ابتعد عن مكان جريمته دون أن يوقفه أحد.

هذه التفاصيل وثقتها كاميرا الحقوقى الفلسطينى عماد أبوشمسية ونشرتها منظمة «بتسليم» غير الحكومية، ولولاهما ما عرفت تفاصيل جريمة إعدام عبدالفتاح الشريف طريقها إلى العلن. غير أن العلنية لم يستتبعها سيل الإدانات الدولية لوحشية جيش الاحتلال الإسرائيلى ولتورطه فى جرائم قتل خارج القانون ضحاياها من فلسطينيى الضفة الغربية وغزة، وغابت أيضا المطالبات الدولية بالتحقيق فى الجريمة ومحاسبة الجندى المتورط فيها والمتواطئين معه. فقط نفر محدود من منظمات حقوق الإنسان، كمنظمة العفو الدولية، أصدر بيانات أدانت الجريمة ونددت بالاستخفاف الإسرائيلى بحقوق الفلسطينيين وبالجرائم المتكررة التى يرتكبها جيش الاحتلال.

هى، إذن، العنصرية الفاضحة التى يتعامل بها الغرب، وتتعامل بها القوى الكبرى غير الغربية دائمة الادعاء بصداقتها للعرب وللشعب الفلسطينى (الصين وروسيا) مع السجل الأسود للجرائم الإسرائيلية فى الضفة الغربية وغزة، وترتب الصمت والتجاهل، هى ليست فقط ازدواجية المعايير التى تتورط بها المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، وتدفعها كثيرا إلى الامتناع عن إدانة إسرائيل التى تمارس جرائم الاحتلال والاستيطان (فى الضفة الغربية) والإبادة (فى غزة) والقتل خارج القانون والانتهاكات الممنهجة لحقوق وحريات الفلسطينيات والفلسطينيين. بل أمر الصمت يعود أيضا إلى ما استقر «كاستهانة عالمية» بدماء الشعب الفلسطينى، كانقلاب على كل القيم الأخلاقية والإنسانية بتجاهل الجرائم اليومية التى يرتكبها جيش الاحتلال، كتنصل من المسئولية الدولية المتعلقة بتمكين الشعب الفلسطينى من تقرير المصير والتخلص من الاحتلال والاستيطان والحصار.

لا يختلف الجندى الإسرائيلى الذى أعدم عبدالفتاح الشريف على الطريقة الداعشية عن بقية جنود جيش الاحتلال الذين يعملون آلات قتلهم فى فلسطينيى الضفة وغزة ولا يرفضون التورط فى جرائم ضد الإنسانية. لم يشارك الشريف فى هجوم على مدنيين إسرائيليين، بل مارس فعل المقاومة المشروع المتجه إلى جيش الاحتلال الذى صدرت بشأن ضرورة انسحابه من الأرض الفلسطينية العديد من القرارات الأممية، والذى يضيف إلى جرائمه جريمة حماية حملة السلاح من المستوطنين الإسرائيليين وتمكينهم من الاعتداء المتكرر على الفلسطينيين. بل إن تورط الشريف فى هجوم على مدنيين، ما كان ليبرر قتله بدم بارد وما كان ليبرر الصمت العالمى المشين.

دعونا ننتصر لإنسانيتنا بإدانة جرائم إسرائيل والامتناع عن تجاهلها، تماما كما ندين الإرهاب فى سيناء والإرهاب فى بروكسل وبينهما العديد من المدن العربية التى يسقط بها يوميا ضحايا جدد للجنون. دعونا نقاوم الاستهانة بالدماء ونطالب بالتحقيق فى جريمة إعدام الشريف، مثلما نطالب بالتحقيق فى خرائط الدماء والمظالم والانتهاكات التى تلف اليوم بلاد العرب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved