هل نحن مقبلون على الإغلاق؟
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 29 أبريل 2021 - 10:00 م
بتوقيت القاهرة
لا زال فيروس كوفيد 19 يحصد آلاف الأرواح حول العالم، ناهيك عن الإصابات اليومية بمئات الآلاف. العدوى مستمرة، والدول تتخذ سياسات متباينة فيما بينها، بل إن هناك سياسات متباينة داخل الدولة الواحدة من وقت لآخر، ما يعبر عن حالة الارتباك الشديد.
من هنا يبقى السؤال المحير خاصة فى دولة كمصر التى تهمنا تنميتها البشرية، هل من جدوى للإغلاق لمواجهة الفيروس؟
مهم للغاية البحث فى أثر سياسات الإغلاق على عملية التنمية البشرية، ربما أكثر من آثار الإغلاق على التنمية الاقتصادية التى تأثرت بلا شك بسبب الركود الاقتصادى الكبير الناتج عن بعض السياسات لمواجهة الفيروس. فحياة الإنسان مهما كانت أهمية التنمية الاقتصادية تظل لها الأولوية القصوى على ما عداها من أمور.
هناك عديد المؤشرات التى تؤكد عدم فلاحة سياسة الإغلاق فى مواجهة الوباء، لكن تلك المؤشرات لم تؤكد البتة على أن الإغلاق لم يحد من تفشى الوباء. فالدول التى لم تجرب الإغلاق ارتفعت فيها نسبة تفشى الوباء، والدول التى فشلت فى السيطرة على تفشى الوباء رغم سياسة الإغلاق، هى التى تغطرست فى بداية الوباء بالحديث عن عدم جدواه. وأيضًا يخدع الكثيرون بالقول إن هناك نجاحا فى سياسة التعايش مع الوباء بعد رفع الحظر، لأن ذلك التعايش زائف إلى حد كبير، خاصة مع إدارك أنه يتواكب مع قلة الفحوص الطبية التى تثبت أن هناك حاملين للوباء من عدمه ولا يدرى أحد بهؤلاء وهم بيننا كثر.
وبالطبع مصر ثبت عنها كل تلك المؤشرات، فهى واحدة من أقل البلدان المستقبلة للتطعيمات، بل والتى يكثر فيها الجدل حول جدواه، حتى بين الأطباء. وهى من مارس سياسة الإغلاق على استحياء شديد قبل أن تتراجع عنه بعد تطبيقه لعدة أسابيع، وإن استمرت لفترة أطول القيود على النقل الجوى. وهى من اختصر العملية التعليمية فى المدارس والجامعات، وكانت كغيرها من الدول التى تأثر فيها مستوى الطلاب بسبب رفع نسب الحضور والتقويم الإلكترونى الهزيل جدًا، وضغط إجراءاته المعروفة قبل الوباء. وبمصر أيضًا محافظات مثل سوهاج أصبحت نسبة تفشى المرض فيها مرتفعة للغاية، مقارنة بمناطق أخرى داخلها.
من هنا ومع استمرار التفشى يصبح السؤال هل نحن مقبلون فى مصر على إغلاق تالٍ؟ الأرجح أننا سنضطر إلى ذلك بعد العيد مباشرة، وهو ما شرعت الحكومة فيه بإجازة طويلة هذا الأسبوع، رغم توقع الحد من وطأة الوباء بسبب قدوم فصل الصيف وإجازات المدارس، لكن هذا الحد أيضًا عليه مشكلة كبيرة وهى تحور الفيروس ما جعل هناك عدم تأثره كثيرًا بفصول السنة، كما أن انتهاء الفصل الدراسى على عجل لن يمنع الشباب من النزول إلى الشوارع، بل على العكس ربما كانت تحبسهم الدراسة قليلا بنظامها الجديد فى المنازل. لكن كل ما سبق لن يمنع تفشى الوباء، لكنه ربما يحد منه.
لكن قبل اتخاذ أية إجراءات بالإغلاق يجب أن يدرس بعناية عدة أمور. أولها، ومن حيث المضمون هل نحن نتحدث عن إغلاق عام لجميع الأنشطة لدرجة فرض حظر التجوال لعدة أيام بغية الحد من تفشى الوباء، أم نتحدث عن حظر جزئى مرتبط بأنشطة محددة يتزاحم فيها الناس كالأسواق والكافيهات؟ ثانيًا، ومن حيث النطاق الجغرافى، هل نحن أمام سياسات تتخذ فى محافظات دون أخرى، خاصة مع تباين تفشى الوباء من محافظة إلى أخرى، أم سيكون الأمر عام على مستوى الجمهورية؟. السؤال الثانى، ما هى مدة الإغلاق بغض النظر عن نوعه؟ وماذا بعد العودة عن سياسة الإغلاق خاصة فيما يتصل بالمناطق المزدحمة، كالأسواق والكافيهات والمصايف، وكلها بؤر تفشى نقل العدوى، بسبب التكدس. هنا سيكون من المهم خلال الإغلاق وبعده ربط بقاء التعاملات والأنشطة التجارية والترفيهية بارتداء قناع الوجه، وعدم السير فى الأماكن العامة والشوارع إلا بارتدائه. أيضًا مفيد عودة نسبة الإشغال والتواجد فى الكافيهات والمتنزهات والتى سبق أن صدر بها قرار من مجلس الوزراء، عرضت الحكومة للتهكم، بالطبع كل ما سبق يتحتم أن يرتبط بإجراءات عقابية تجاه غير الملتزمين، بتوقيع غرامات كبيرة وغلق المكان المزدحم. وأخيرًا وليس آخرا، مهم للغاية التعامل بحزم مع وسائل المواصلات البرية، خاصة ما يتصل بالنقل الجماعى كمترو الأنفاق والأتوبيسات والقطارات وغيرها، بحيث يتم تنظيم جميع تلك الأمور أثناء وبعد الإغلاق.