المصريون يحدّدون رئيسهم لبناء المستقبل
صحافة عربية
آخر تحديث:
الخميس 29 مايو 2014 - 5:15 ص
بتوقيت القاهرة
بعد ثلاث سنوات عجاف من الفوضى وصعود «الإخوان» إلى الحكم ثم سقوطهم، يشعر المصريون اليوم أنهم يقتربون من الخروج من عنق الزجاجة، ومن ظلامية (التهديد الإخوانى)، وأن الأمل يداعب قلوبهم مجددا، بوصول رئيس مصرى قوى، فى نظر الغالبية المصرية، هو المشير «السيسى» الذى يأملون به ومعه، بناء مصر الحديثة والقوية، واستعادة الأمن والاستقرار، ومواجهة المخططات الغربية والأمريكية، التى كانت سيناريوهاتها تحفل بالظلام والفوضى والتقسيم الجغرافى والدينى واستيطان الارهاب فى أرض الكنانة، وسقوط الدول العربية بين مطرقة (الإخوان) وكماشة (الولى الفقيه)!.
هذا الشعب المصرى العظيم، الذى فاجأ العالم بخروجه الكبير إلى الشوارع، لتصحيح مبادئ وأولويات ثورته فى 30 يونيو، هو ذاته الذى سيكون مع نهاية هذا اليوم قد حدد مصيره ومصير بلده ومستقبله، بل ومصير المنطقة العربية كلها، إن نجح فى إيصال الرئيس الأصلح لحكم مصر فى هذه المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة كلها.
فى ثورة 1952 وتأثيراتها الكبيرة على المنطقة العربية وعلى العالم الثالث، كان (أهم) ما اكتشفه المصريون آنذاك هو (الذات الوطنية) و(العمق الوطنى) بوصول أول رئيس مصرى وطنى، من أبناء مصر، بعد آلاف السنين والذى كان هو «جمال عبدالناصر» بعد حكم مؤقت وشكلى لـ«محمد نجيب».
فى ثورة يونيو 2013 «التصحيحية» تأكدت مصر تماما من أهمية وقيمة عمقها العربى، وأعادت بذلك اكتشاف (الذات القومية) و(العمق القومى) بأبعاد أخرى، وأن دورها القيادى فيه ظل شاغرا، لتستعيده هذه المرة على مستوى وجدان الشعب المصرى أولا. وما بين عبدالناصر فى الخمسينيات والستينيات، وما بين «السيسى» فى 2013-2014، هناك لغة وروح جديدة تأكدت، والتفاف عربى، وخاصة خليجى، توحّدت فيه حالة الالتحام الرسمى والشعبى، للانتصار لمصر ومساعدتها للعودة فى احتلال مقعدها القيادى، الذى غابت عنه فترة، وبمباركة كاملة من حكّام الخليج، الذين لم يعودوا يستشعرون لغة «عبدالناصر» الحادّة معهم وأحيانا التهديدية لهم! وهو كان ما يسبّب لهم بعض النفور منه فى دواخلهم، رغم تقديرهم الكبير لموقع ودور مصر ذاتها.
لغة «السيسى» الذى يأمل الكثيرون فى أن يعيد مع الشعب لمصر (مكانتها وهيبتها وريادتها)، هى اللغة المطلوبة اليوم، أى لغة العارف لأهمية وقيمة (الذات الوطنية) وفى نفس الوقت لغة العارف لعمقه وبعده العربى والخليجى تحديدا، (بدون أى حساسيات مع حكامه) بل بالتكامل الاستراتيجى مع الخليج (حكاما وشعوبا)، وهو ما يضع «السيسى» فى مرحلة متقدمة من حيث ذكاء اللغة والرؤية والحديث عن أمن مصر والأمن العربى كنسيج استراتيجى واحد، لا غنى لأحدهما عن الآخر إن أرادا أى منهما الحفاظ على ذاته، وهنا يأخذ (البعد القومى) معنى مضافا فى ظل التهديدات الخطيرة التى تحيق بكامل المنطقة العربية.