صورة بيريز فى جيب شيخ الأزهر

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: الإثنين 29 يونيو 2009 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

 الأزهر من جديد.. هذه المرة البطولة لما تسمى «رابطة خريجى الأزهر»، حشد هائل من الباحثين اليهود، والموضوع «الأزهر والغرب.. ضوابط الحوار وحدوده». أحدهم قال فى ورقته دون أن يرد عليه أحد من السادة الأزهريين: إن ما بين المسلمين واليهود من وشائج أكبر وأعمق من خلاف تافه على قضية تافهة اسمها القدس والأراضى المقدسة!

وطالب صاحبنا واسمه جاكوب بندر وهو اسم رائج فى دنيا دعوات التطبيع باعتباره مناصرا لحق الفلسطينيين فى الحياة، طالب «ببذل الجهود المشتركة لإعادة العلاقات «الودية» بين المسلمين واليهود».

أما الباحث الأمريكى آلان دوجلاس فنصحنا بالتخلص من الانفعال العاطفى، لأنه يؤدى إلى العنف.. منتهى البراءة والإنسانية والله.

مرة أخرى: لماذا الأزهر وحده الذى يستخدم كمنصة لإطلاق دعوات ودعاوى التعايش الزائفة مع اليهود؟

لماذا يهمل الأزهر ما يحتاجه البيت، ويمد بصره إلى الخارج رغم أنهم علمونا أن «ما يعوزه البيت يحرم على الجامع».

وأتساءل: أين همة الأزهر وحماسه الانفعالى غير المبرر للحوار، بينما نحن محاصرون بحزام من الاحتقان الفكرى بين السنة والشيعة فى الداخل والخارج، كما نعانى من التهاب طائفى تظهر أعراضه بين الحين والآخر بين المسلمين والأقباط؟.

ما سر كل هذه الهمة والحيوية فى مناقشة العلاقة مع اليهود بينما لا حس ولا خبر من الأزهر فيما يتعلق بالحوار السنى الشيعى، والإسلامى القبطى فى الداخل؟

جميل أن يقول رئيس جامعة الأزهر إن الأزهر هو المؤهل للقيام بالحوار بين المسلمين والغرب، لكننى أزعم أيضا أن الأزهر قبل ذلك هو المعنى بإقامة الحوار بين المسلمين والمسلمين أولا.

ثم، أليس غريبا هذا التسخين فى الحوارات والمحاورات مع الحاخامات فى الخارج والداخل فى توقيت واحد؟

بيريز الرئيس الإسرائيلى وأحد القتلة التاريخيين فى مسيرة الحركة الصهيونية أعلن ــ وليس غيره ــ أنه سيلتقى شيخ الأزهر هذا الأسبوع فى كازاخستان ضمن مؤتمر «قضاة الأديان» فى حضور علماء مسلمين من السعودية والعراق ودول أخرى.

ولا أدرى ماذا سيقول شيخ الأزهر عن مصافحة بيريز هذه المرة، أعتقد أنه الآن يحفظ ملامح وتضاريس وجه بيريز عن ظهر قلب، وإن كان قد نسيها فعليه أن يضعها فى جيبه حتى لا يقع فى الفخ مرة أخرى.

وفى حدود معلوماتى المتواضعة، فإن بيريز ليس من قضاة الأديان، هو قاتل محترف ومجرم حرب بامتياز، ومن ثم، فإنه لو حدث وصافح شيخ الأزهر هذه المرة، فإن الأمر سيكون فوق قدرة الجماهير على الاحتمال، خاصة أن دماء شهداء المجزرة الإسرائيلية فى غزة لم تجف بعد.

غير أن المثير فى القصة كلها هو هذا الاندفاع فى طريق التطبيع المجانى منذ أن أعلن فاروق حسنى الترشيح لليونسكو. فى البدء جاءوا إلينا بالموسيقار الإسرائيلى الأرجنتينى بارنبويم، والآن طائفة من المخرجين والباحثين اليهود، وأخيرا شيخ الأزهر مع بيريز والحاخامات فى كازاخستان.

لماذا تخلصنا من المجانية فى كل شئ، ونتمسك بها على هذا النحو المخجل فى التطبيع؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved