دفاعًا عن المبدأ.. وعن بلال فضل
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الأحد 29 يونيو 2014 - 7:00 ص
بتوقيت القاهرة
الطريقة التى تم التعامل بها مع مسلسل أهل إسكندرية تأليف الأستاذ بلال فضل تجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا فيما يتعلق بمستقبل الحريات.
الذين اتخذوا قرار وقف إذاعة المسلسل لم يكلفوا أنفسهم حتى عناء البحث عن طريقة ذكية لإخراج الأمر. ولذلك فالرسالة الأساسية هى: «نحن سنفعل أى شىء فى أى وقت ومن لا يعجبه فليشرب من أى بحر».
من الخطأ الانجرار وراء لعبة أن المسلسل عادى ولا ينتقد بعض رجال الشرطة، لأن هذا المنطق سيقود إلى خطأ أكبر وهو إعطاء مبرر لمن يوقف مسلسلا ينتقد فعلا رجال الشرطة.
المأساة أن تلك هى الطريقة التى عجلت بإسقاط مبارك. وجاء بعده مرسى وإخوانه وكرروا نفس الخطأ الكارثى فى أقل من سنة فسقطوا ايضا.
يمكن أن نفهم ـ فى هذه الأيام التى تشيع فيها حالة غير مسبوقة من الاستقطاب ـ أن توقف مدينة الإنتاج الإعلامى أو أى جهة أخرى تصوير أو إذاعة أى عمل عندما تكتشف أن مؤلفه أو منتجه إخوانى أو إرهابى، أو أن قصته تدعو إلى العنف والكراهية.
لكن بلال فضل كان أحد أكثر الكتاب الذين هاجموا الإخوان طوال مدة حكمهم وكانت مقالاته فى الشروق خصوصا فى صفحتى «المعصرة» مع رسومات الفنان المبدع عمرو سليم خير شاهد على ذلك. الاثنان وجها النقد الأكثر حدة وسخرية بالكلمة والإفيه والكاريكاتير لمرسى وجماعته فى عز قوتهم عبر صفحات الشروق، وربما هذه تذكرة لمن ينسى!.
سقط الإخوان وعارض بلال ترتيبات ما بعد السقوط وهذا حقه. هل موقف بلال صح أم خطا؟.
من حق البعض أو الجميع ان يختلف معه لكن ليس من حق أحد منا أن يحاكمه أو يفتش فى ضميره أو يطلب منه أن يتبنى وجهة نظره.
جوهر المشكلة التى يمثلها وقف «أهل اسكندرية» وسائر ما تعرض له بعض الكتاب المعارضين فى الفترة الأخيرة أن البعض يعتقد أنه قادر على أن يجعل الجميع يتحدثون بصوت واحد ورأى واحد.
هذا الامر مخالف للفطرة وللطبيعة الإنسانية وجربه كثيرون، وفشل فشلا ذريعا حتى لو كان نجح لبعض الوقت.
وقف المسلسل لن يجعل بلال يغير آراءه بل المؤكد أن قناعاته الراهنة وقناعات من يتبنون موقفه ستترسخ بأننا نعيش دولة الرأى الواحد.
الموقف المهنى والأخلاقى لا يجعلنى فقط أعلن التضامن الكامل مع بلال فضل وكل أسرة المسلسل ـ ومنهم شقيق زوجتى مدير التصوير محمود لطفى ـ بل أحذر من أن استمرار هذه السياسة قد يجعلنا نصرخ جميعا: «لقد أكلنا يوم أكل بلال أو أى بلال يتعرض لمثل هذا الموقف».
وختاما اتفق مع الاستاذ بلال فى أن مناخ الحريات يتدهور يوما بعد يوم لكن أعتب عليه قوله فى بيانه الأخير: «إن وقف مقالاته فى الشروق جرى فى ظروف مشابهة».
يا بلال، الشروق لم توقف مقالاتك، نعم اختلفنا على بضع فقرات فى مقال واحد فقط، وأنت الذى أصررت على إما أن ينشر كاملا أو لا ينشر، وانت الذى توقفت عن إرسال مقالاتك وليس نحن، وأنت الذى ذهبت إلى الإعلام وسخرت منى على الملأ وأنا الذى ناشدتك وقتها عبر أكثر من فضائية أن تعود. عموما هذا كلام صار من الماضى ولك التحية وكل التضامن ورمضان كريم.