أى مكان فى عالم اليوم نريد؟

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الإثنين 29 يونيو 2015 - 11:05 ص بتوقيت القاهرة

الجمعة، 26 يونيو 2015 ــ تحمل وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية الإخبارية تفاصيل الهجمات الإرهابية التى وقعت فى فرنسا والكويت وتونس. تطغى الدماء والأشلاء ومشاهد الدمار على الصراع المستمر بين حكومة اليونان وبين بقية الحكومات الأوروبية بشأن إنقاذ الاقتصاد اليونانى، وتطغى أيضا على الفضيحة الجديدة لتجسس الاستخبارات الأمريكية على الحكومة الفرنسية وعلى تصاعد التوترات بشأن أوكرانيا بين روسيا وبين الغرب وتنامى توظيف سلاح العقوبات وعلى العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تحيط بشعوب البلدان الفقيرة والنامية.

السبت، 27 يونيو 2015 ــ الهجمات الإرهابية تتحول إلى موضوع الحوار الوحيد بين ولدى لؤى ونوح وبينى. ينقلون لى بعضا من أحاديث زملائهم فى المدرسة عن القتل والعنف والتطرف فى الشرق الأوسط وعن المتطرفين الذين يعيشون فى أوروبا ويسعون لتدميرها، ينقلون لى أيضا حزنهم ﻷن زملاءهم الذين كان ينبهرون «بحكايات مصر وبلاد العرب» الجميلة ويعبرون عن رغبتهم فى زيارتها قد أصبحوا لا يرون فيها إلا الخطر.

ثم يذكر نوح أن المدرس المسئول عن فصله شرح لهم أن للعرب تاريخا حضاريا رائعا وأن ماضيهم فى بلادهم وفى بعض المواقع الأوروبية كإسبانيا لا يمكن له إلا أن يخرجهم قريبا من دوائر العنف والدمار وأنه أخبرهم باعتزامه زيارة إسبانيا والمغرب فى هذا الصيف لرؤية الآثار العظيمة التى تركتها حضارة القرون الوسطى العربية والإسلامية، ويشير لؤى إلى أن زملائه يفهمون أن أغلبية المسلمين والعرب يحيون فى بلادهم وفى أوروبا وفى الولايات المتحدة الأمريكية فى سلام ويبحثون عن الحرية والأمن وأنهم سينتصرون فى نهاية المطاف على الإرهابيين والمتطرفين وأنه لم يشعر بنظرة عنصرية أو باتهامات مسبقة من قبل زملائه باتحاه كل ما هو عربى أو مسلم.

الأحد، 28 يونيو 2015 ــ السؤال الذى يلح على أكثر من أى سؤال آخر، أى مكان فى عالم اليوم نريد نحن المصريين ويريد غيرنا من الشعوب العربية؟ أتعجز أغلبياتنا عن مواجهة الإرهاب والعنف والانتصار عليهما؟ أتفشل فى التخلص من الاستبداد والفقر والفساد ومن حروب العبث والجنون المحيطة بنا؟ أتترك الحصار اللعين للظلم والتطرف والانتهاكات يقتل إنسانيتها ويواصل تشويه أنساقها الأخلاقية والقيمية؟

أم سننجح فى المزج بين مواجهة الإرهاب ومقاومة الاستبداد وبين الحرب على الجهل بالتنوير وبإعادة الاعتبار للعقل وللعلم والمعرفة والتسامح وهى التى حققت لنا فى مصر وفى بلاد العرب وفى بعض مواقع حضورنا الأوروبية إنجازات الماضى الحضارية؟ هل سنتوقف عن الاستعلاء على الحقيقة وعن معاييرنا المزدوجة وعن مقايضاتنا ومساوماتنا التى لا تنتهى بحثا عن هروب جزئى ومؤقت من الأزمات التى تعصف بوجودنا؟ هل سنطرح الكسل الضميرى والذهنى جانبا ونواجه عالم اليوم باعتراف بإخفاقاتنا وبتمسكنا بالسعى الجاد للتخلص منها دون تحايل، للتخلص من الإرهاب والاستبداد والفقر دون مقايضات فاسدة أو استراتيجيات تأجيل متهافتة؟ هل نقدر؟ هل حقا نريد مكان آخر لنا فى عالم اليوم؟

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved