مونديال روسيا
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الجمعة 29 يونيو 2018 - 9:40 م
بتوقيت القاهرة
وبكأس العالم ٢٠١٨ أمور تستحق أن نتوقف أمامها.
أولا، أخفقت جميع المنتخبات الإفريقية فى العبور من الدور الأول (دور المجموعات) إلى الدور الثانى (دور ال ١٦). تفاوت أداء منتخبات نيجيريا ومصر والمغرب والسنغال وتونس، واختلفت طرق لعبها بين الكرة الهجومية التى قدمتها بوضوح نيجيريا والمغرب وبدرجة أقل السنغال وبين الانكفاء المصرى على الدفاع والذى اقترب منه المنتخب التونسى فى مباراتيه مع المنتخب الإنجليزى والبلجيكى. على الرغم من ذلك، غادر الأفارقة سريعا مونديال روسيا ٢٠١٨ وفشلوا فى تقديم صورة جيدة لكرة القدم السمراء. شخصيا، أعجبنى أداء المنتخب المغربى فى مواجهته مع منتخبى إسبانيا والبرتغال وأعجبتنى أيضا الكرة الهجومية للنيجيريين فى مباراتهم مع أيسلندا. إلا أن الخروج الجماعى من الدور الأول بخفى حنين، وعلى نقيض نجاحات المنتخبات الإفريقية فى دورات كأس العالم الماضية، محبط للغاية.
***
ثانيا، نجح منتخب آسيوى وحيد وهو منتخب اليابان فى المرور إلى الدور الثانى، بينما غادر منتخب كوريا الجنوبية مونديال روسيا ٢٠١٨ بعد أن هزم حامل اللقب المنتخب الألمانى وأطاح به إلى خارج البطولة وغادر أيضا المنتخب الإيرانى بعد أداء مقبول وتعادل مستحق مع المنتخب البرتغالى بطل أوروبا. فشل كذلك المنتخب السعودى فى تجاوز الدور الأول بعد هزيمته من المنتخب الروسى ومنتخب أوروجواى، ولم يغير انتصاره على المنتخب المصرى فى المباراة الأخيرة من الأمر فى شىء. اللافت للنظر أن المنتخب اليابانى مر إلى الدور الثانى بسبب لعبه النظيف، فقد تساوت نقاطه وحصيلة أهدافه (مطروحا منها الأهداف المسجلة بمرماه) مع المنتخب السنغالى ورجح اللعب النظيف (عدد أقل من المخالفات والإنذارات) كفته على حساب ساديو مانى ورفاقه.
ثالثا، تظل كرة القدم خاضعة عالميا لهيمنة الأوروبيين والأمريكيين الشماليين والجنوبيين الذين يمثلهم ١٥ منتخبا فى الدور الثانى، دور ال ١٦. تتأرجح أوزان منتخبات أوروبا والأمريكتين صعودا وهبوطا، فتصعد أوروبيا فى ٢٠١٨ منتخبات كرواتيا وبلجيكا وإنجلترا وتهبط بعنف منتخبات ألمانيا وبولندا بينما تصعد أمريكيا منتخبات المكسيك وكولومبيا وأورجواى وتقدم (بحسابات الدور الأول) منتخبات البرازيل والأرجنتين أداء فنيا باهتا وتغادر منتخبات بيرو وكوستاريكا روسيا بعد الدور الأول. على الرغم من ذلك، يظل للأوروبيين وللأمريكيين الهيمنة شبه المطلقة على كرة القدم العالمية ويحتفظون بالحق المكتسب المتمثل فى أن يأتى بطل العالم دوما من بين صفوفهم. هى الأموال الطائلة التى تنفقها كبريات أندية كرة القدم فى أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية على اللاعبين والأجهزة الفنية والأجهزة المعاونة وعلى المشاركة فى المسابقات الوطنية والقارية ذات المستويات التنافسية العالية، هى الطريقة المنهجية التى تعمل بها الاتحادات الوطنية من أجل الارتقاء بمنظومة كرة القدم الأوروبية والأمريكية، هى التخطيط العلمى الذى تتبعه الأندية والاتحادات وتتعامل من خلاله بجدية تامة مع مهام توسيع قاعدة ممارسى كرة القدم ورعاية الناشئين وصقل مواهب الناضجين وتحسين طرق رعايتهم النفسية والبدنية والصحية وتقوية المسابقات الوطنية والقارية؛ هى جميع هذه العوامل التى تجعل من الهيمنة الأوروبية والأمريكية على كرة القدم قدرا محتوما لا فكاك منه.
***
رابعا، جاء أداء المنتخب المصرى فى مبارياته ضد منتخبات أوروجواى وروسيا والسعودية مخيبا لآمالنا نحن مشجعيه. تأهل منتخبنا لكأس العالم بعد طول انتظار (٢٨ عاما)، وتمنينا أن نراه يجيد ويقارع منتخبات البلدان الأخرى بكرة عصرية ومتوازنة بين الدفاع والهجوم وبمحاولات متكررة لتسجيل الأهداف وكسب النقاط أملا فى العبور إلى الدور الثانى. ولم يكن بذلك مبالغة، فقد سبقتنا فى دورات ماضية لكأس العالم منتخبات إفريقية أخرى ومرت من الدور الأول إلى الأدوار التالية (من كاميرون روجيه ميلا ومغرب كريمو إلى الجزائر التى قارع منتخبها فى ٢٠١٤ منتخب ألمانيا فى دور ال ١٦ وخسر بعد أداء أكثر من رائع). ولم يكن بذلك مبالغة، لأن قوام المنتخب المصرى صار من المحترفين فى أندية أوروبية قوية وبعض الأندية العربية التى لا بأس بها على نحو جعل من توقع إجادة هؤلاء المحترفين ونجاحهم فى العبور بالمنتخب إلى الدور الثانى أمرا مشروعا. لم نبالغ فى توقعاتنا المشروعة، ولم يكن من باب الوهم أن نتمنى أن يتعامل المحترفون المصريون مع مشاركة المنتخب فى كأس العالم بجدية تامة، ولم نرد سوى الأداء الجيد والعصرى فى مبارياتنا ولم يتصور مشجع واحد لمنتخبنا حال بلوغنا لدور ال ١٦ ذهابنا إلى أبعد منه.
كانت توقعاتنا مشروعة وواقعية، ولم تكن لا مستندة إلى «كرة البطل الوحيد» (محمد صلاح) ولا متجاهلة لرداءة الوضعية المحلية لمنظومة كرة القدم فى مصر التى أملنا فى غير أن الإخفاق الإدارى لاتحاد كرة القدم المصرى الذى أظهره العجز عن تنظيم معسكر منضبط وبعيد عن الأزمات والشائعات للمنتخب فى روسيا، وأظهره أيضا العجز عن النأى بالمنتخب عن عواصف السياسة التى هبت عليه إن من الوطن أو من البلد المضيف (استقبالات ووفود رسمية للمؤزارة هنا ومؤتمرات صحفية ومآدب طعام ومواطنة شرفية هناك)، هذا الإخفاق الإدارى يبدو أنه حمل المنتخب عبئا ثقيلا أسفر من بين عوامل أخرى، مثل عقم فكر المدير الفنى هيكتور كوبر وفردية بعض اللاعبين وفوضى سلوكيات البعض الآخر، عن الأداء السيئ فنيا وبدنيا للمنتخب.