قضية الدواء الأصلى والبديل
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 29 يوليه 2022 - 6:45 م
بتوقيت القاهرة
لقطة إنسانية فى دقيقة واحدة مرت بى على الفيسبوك انغرست فى فكرى لتترك أثرا داميا وسؤالا إجابته مفتوحة النهاية لا أحد يمكنه التكهن بها.
اللقطة فى صيدلية، سيدة تمد يدها تبدو من الطبقة المتوسطة متعبة الملامح إلى الصيدلى بتذكرة دواء فيردها بمجرد أن يلمح اسم الدواء.. «ارجعى للطبيب يا أمى ليكتب لك بديلا مصريا».
تبتلع السيدة مرارة الرد وتشكره وتغادر مهزومة، فيسأل شاب ينتظر دوره الصيدلى: ما الأمر، فيرد الصيدلى: ده دوا جديد لكن ثمنه غالى عليها، فيشترى الشاب ما يكفى علاج شهر ويسارع خلف السيدة ليمنحها الدواء الذى عجزت عن شرائه ويعدها بأنه سيوفره لها بانتظام.
بالطبع ستندى عيون كل من يرى تلك اللقطة بدموع التأثر: ربما فى البداية لإنسانية هذا الشاب لكن ستبقى دموع أخرى متأثرة بما آل إليه حال عزيز قوم ذل فوقف عاجزا عن شراء دواء لمرض عضال.
هل الحل أن يتوافر دائما إنسان كريم يشترى الدواء لغيره؟
السؤال بلا شك لا يحتاج جهدا للإجابة، هذا الكريم بلا شك يجب أن تحل الدولة محله. مشروع تأمين صحى شامل بلا شك هو الحل الإنسانى الكريم المسئول وهو ما ننتظره جميعا وعلى الله القصد علنا إن شاء الله نحققه قريبا لتهدأ النفوس وتطمئن القلوب.
الواقع أن حديثى اليوم القصد منه ليس التأمين الصحى الشامل لكنها فكرة خطرت لى ربما من فيض ألم تلك اللقطة التى سجلها الفيسبوك.
يخطر ببال الإنسان العادى دائما أن الدواء المستورد أو غالى الثمن هو الأقدر على الشفاء بإذن الله أما العالم بحقيقة الأمر فيعرف أن هناك معادلات أخرى للشفاء تتجاوز ثمن الدواء.
هناك دائما ما يعرف بالدواء البديل والذى عادة ما يكون مؤثرا أيضا بصورة أو بأخرى. إما يستعمل بمفرده أو قد يضاف إليه دواء آخر يزيد من قدر مفعوله أو ربما ببعض التغييرات فى نظام حياة الإنسان اليومى والتى ينصح بها الطبيب المعالج أو من يمكنه المعاونة من مهن أخرى مشاركة للطبيب مثل أخصائى التغذية أو العلاج الطبيعى أو الطب الطبيعى والنشاط والحركة.
أقرب الأمثلة التى يمكننى أن أضربها علاج أحد الأمراض النادرة «ارتفاع ضغط الشريان الرئوى». حتى الآن ليس هناك أى دواء يمكنه علاج ارتفاع ضغط الشريان الرئوى غير معروف السبب إنما هى مجموعة من الأدوية التى تحسن أحوال المريض فى درجات مختلفة. منها الذى يؤثر بسرعة فتتحسن وظائف الرئة ويبدو التنفس عملية أسهل بدواء غالى الثمن إلى درجة قد يصعب حتى على الدولة احتواؤها، فما بالك بالمريض رقيق الحال. منها أيضا ما هو فى متناول اليد ذلك الدواء يحسن أيضا أحوال المريض ربما بصورة أبطأ وقد ينتج عنه بعض المضاعفات الأمر الذى يحتاج متابعة طبية مستمرة ويقظة للتدخل فى أى وقت يجب التدخل فيه، فتظل والحمد لله أحوال المريض مستقرة الأمر الذى يعد بالفعل نجاحا للطبيب المعالج فى حماية مريضه الذى تنحسر عنه الأعراض فيتقبل العلاج برضا.
هناك أيضا الأدوية البديلة التى تحل تماما محل الأدوية باهظة الثمن، فلها غالبا نفس العنصر الفعال وإن جاء الدواء فى صورة مختلفة بعض الشىء.
هنا نستثنى أدوية بين نوعيات مختلفة تماما؛ كالأدوية البيولوجية الحديثة والأدوية التى تستهدف جينات الإنسان المخالفة، فتلك قصة أخرى مختلفة تماما.
فى سبتمبر من كل عام يأتى يوم الصيدلى: اليوم أهدى زملائى الصيادلة فكرة خارج الصندوق فى عيدهم القادم: هل يمكن فى ظل ظروفنا الحالية أن يتفضل الزملاء بالتفكير فى إعداد ملف للأدوية البديلة منخفضة السعر فى مقابل أدوية باهظة الثمن، يعتمد أطباء كثيرون عليها دون غيرها فى علاج مرضى لا يملكون شراءها وإن تعلقوا بها آملين أنها الملاذ الآمن الوحيد، ملف لكل الأودية البديلة فى مقابل الأدوية ذات الحسب والنسب تكون فى متناول كل الأطباء والصيادلة والمراكز الطبية.
ملف للأدوية البديلة تدعم نقابة الأطباء والصيادلة استعمالها عن علم ودراية لا تلتفت فيه لما قد يمارس عليها من ضغوط مختلفة من شركات الأدوية العالمية.
ملف الأدوية البديلة بين المشروع القومى لصناعة الدواء فى مقابل الأدوية المستوردة التى أصبح ثمنها مرتبطا بالدولار الذى يواصل صعوده بصورة لا تخضع لأى قوانين.
اللهم ما قد بلغت.. اللهم فاشهد