الله لا يحتاج لأحد لكى يدافع عنه
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 29 أغسطس 2020 - 10:10 م
بتوقيت القاهرة
احتفل العالم يوم 22 أغسطس باليوم العالمى لإحياء ذكرى ضحايا العنف بسبب دينهم أو معتقداتهم وذلك بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 296 / 73 المعنون «اليوم الدولى لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على أساس الدين أو المعتقد» الذى يدين بشدة أعمال العنف والإرهاب المستمر التى تستهدف الأفراد، بمن فيهم الذين ينتمون إلى الأقليات الدينية على أساس الدين أو المعتقد أو باسمهما ويقول القرار: «تتواصل أعمال التعصب والعنف القائمة على أساس الدين والمعتقد ضد الأفراد بمن فيهم أولئك الذين ينتمون إلى الطوائف الدينية والأقليات الدينية فى كل أرجاء العالم. ويتزايد عدد هذه الحوادث وكثافتها وهى غالبا ذات طبيعة إجرامية وقد يكون لها طابع دولى الخصائص». وللأسف مرت هذه الذكرى فى مصر مرور الكرام بل أؤكد وأقول أنها لم تذكر تماما رغم أن شعب مصر ذاق الأمرين بسبب الإرهاب باسم الدين، فعشنا خاصة فى القرن الماضى وإلى الحاضر الاغتيالات السياسية – وتفجيرات الكنائس والمساجد ــ ومحاولات الاستيلاء على السلطة وغيرها فى أحداث ما زالت حاضرة بقوة فى أذهاننا. نصّب الإرهابيون ليس فقط فى مصر ولكن فى سوريا والعراق ولبنان وإفريقيا وأوروبا أنفسهم كأوصياء على الله وعلى الشعوب. رغم أن الله جل جلاله لا يحتاج من أى شخص أن يدافع عنه وترهيب الناس، والشخص أيضا لا يحتاج إلا ضميره وعلاقته مع الله كوصى على إيمانه وسلوكه فى المجتمع.
ويمكننا أن نقرأ فى نص الأخوة الإنسانية الذى تم توقيعه فى فبراير 2019 بين قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر فى أبو ظبى «نحن نعلن بعزم أن الأديان لا تحرض أبدا على الحرب ولا تحرك مشاعر الكراهية والعداء والتطرف ولا تدعو إلى العنف أو إراقة الدم. هذه الشرور هى ثمرة انحراف التعاليم الدينية والاستخدام السياسى للأديان، وتفسيرات مجموعات من رجال الدين الذين استغلوا فى مراحل معينة من التاريخ المشاعر الدينية ولعبوا على قلوب الناس لجرهم إلى تحقيق ما لا علاقة له بحقيقة الدين لأهداف سياسية واقتصادية دنيوية وعمياء».
وأضاف الموقعون: «لهذا السبب نحن نسأل الجميع أن يتوقفوا عن استخدام الأديان للتحريض على الحقد والعنف والتطرف والتعصب الأعمى والتوقف عن استخدام اسم الله لتبرير أعمال الإقصاء والإرهاب والقمع. نحن نسأل هذا بإيماننا المشترك بالله، الذى لم يخلق الإنسان حتى يُقتل أو حتى يتواجه مع أخيه الإنسان ولا ليتم تعذيبه أو إهانته فى حياته ووجوده».
إن حرية الدين أو المعتقد وحرية الرأى والتعبير وغيرها، هى جميعها أمور مترابطة ومتشابكة ومتعاضدة وهى كذلك فى صميم المواد 18، 19، 20 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان. ولذا فللحفاظ على هذه الحقوق دور مهم فى مكافحة جميع أشكال التعصب والتمييز على أساس الدين أو المعتقد. وبهذه المناسبة يصرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش «كى نحيى ذكرى الضحايا، يجب علينا أن نفعل المزيد لمعالجة الأسباب الجذرية للتعصب والتمييز من خلال تعزيز شمول الجميع واحترام التنوع. ويجب علينا أيضا أن نضمن محاسبة مرتكبى هذه الجرائم».
وختاما، نطلب من الجميع التوقف عن استخدام الأديان للتحريض على الكراهية والعنف والتطرف والتعصب الأعمى وقيادة الناس خاصة الشابات والشباب إلى الأفكار المتطرفة والمتعصبة، فالله لا يحتاج لأحد لكى يدافع عنه، ويمكن للنقاش المفتوح والبناء القائم على احترام الأفكار مثله فى ذلك مثل الحوار بين الأديان والثقافات على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، أن يضطلع بدور إيجابى فى مكافحة الكراهية الدينية والتحريض والعنف. وعلاوة على ذلك يمكن أن يكون لممارسة الحق فى حرية الرأى والتعبير والاحترام الكامل لحرية البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها دور إيجابى فى تعزيز الديمقراطية ومكافحة التعصب الدينى.