أقالوه.. استقال.. استقالوه
وائل قنديل
آخر تحديث:
الخميس 29 أكتوبر 2009 - 9:21 ص
بتوقيت القاهرة
ليست استقالة، ولا إقالة. هى مثل كل الأمور الغائمة والعائمة فى مصر، تطبيق حرفى لسياسة «البين بين» إذن فقد استقالوه، أى دفعوه للاستقالة.
وبصرف النظر عن التوصيف الدقيق لمغادرة محمد منصور موقعه كوزير للنقل فإن ثمة أشياء جديرة بالتوقف أمامها، منها أن البعض اعتبر موقف منصور بطولة وفروسية أخلاقية تستحق الاحترام، وكان بالإمكان أن يكون الأمر كذلك لولا أن مجموعة من التطورات المتلاحقة فرضت نفسها على الموقف بقوة.
ذلك أنه عشية الاستقالة كان محمد منصور فى مجلس الشعب يتحدث عن مشروعاته المستقبلية لتطوير النقل والسكة الحديد، ولم تبد منه أى مؤشرات على أنه عازم على الرحيل عن المنصب.
وأمام لجنة النقل بالبرلمان توعد منصور باتخاذ إجراءات حاسمة وتوقيع جزاءات شديدة على كل من يثبت تورطه فى وقوع الحادث أو إهماله فى أداء مهام وظيفته.
كما أن الوزير كان واضحا للغاية وهو يقول بالنص: «التحديات والعقبات كبيرة ،إلا أننا عزمنا على بذل الجهد والاستمرار فى تنفيذ الخطة وضرورة العمل لتخطى جميع التحديات والعقبات».
باختصار لم تكن الاستقالة فى ذهن الوزير، على الأقل حتى مساء الاثنين، مع خالص الاحترام لكل من رأى فى مغادرة الوزير فعلا أخلاقيا بامتياز وبمحض الاختيار.
وأزعم أن الوزير تعامل بمنطق «بيدى لا بيد عمرو»، وعمرو هنا قد يكون نظيف أو من هو أعلى منه.
غير أنه فى كل الأحوال يبقى قرار إبعاد ــ أو ابتعاد ــ منصور عن النقل هو الحد الأدنى من الاعتذار عن جريمة قطارى الصعيد، وهو أيضا محاولة من الحكومة لكى تقول إنها تمتلك حدا أدنى من الإحساس بآلام الناس وأحزانهم.
وأحسب أن توقيت الكارثة لعب دورا كبيرا فى جريان الأمور على هذا النحو، إذ لا يخفى على أحد أن القرار صدر فى أجواء مهرجان «من أجلك أنت» والمؤتمر العام للحزب الوطنى وأحاديث التغيير وحواديت التوريث، وكان لابد من التضحية بأحد.
ولولا هذه الظروف لما أقدم أحد على التفكير فى خطوة مثل هذه، بل كان السيناريو سيمضى فى طريق إلصاق التهمة بالجاموسة كمتهم الأول، وإدانة المواطن الذى ليس مصريا على حق ولا يقول للغلط لأ، وربما اندفع أحدهم مطالبا بتشريح جثة الجاموسة لبيان ما إذا كان بأمعائها آثار لتعاطى الكحوليات أو المخدرات أم لا.. وربما قطع آخر شوطا أبعد من العبث وزعم أنها جاموسة عميلة لجهات تخريبية أجنبية.. ولم لا وهل بقى شىء معقول فى هذا البلد؟
wquandil@shorouknews.com