مباراة كوم الدكة
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الخميس 29 ديسمبر 2011 - 9:30 ص
بتوقيت القاهرة
ــ أنت تعرف أو سمعت عن هذا الحى التاريخى بمدينة الإسكندرية الجميلة، والذى تباينت حول تسميته الروايات، فقيل إن الاسم يعود إلى زمن البطالسة، وأن هذه المنطقة اختارها نابليون للمراقبة وبنى عليها حصنا، وقيل إن التسمية تعود إلى عصر محمد على، وترتبط بشق ترعة المحمودية.. لكن كوم الدكة بالتأكيد شهدت عبقرية سيد درويش، وكوم الدكة التى أقصدها هى تلك المنطقة التى أثارت الصخب والضجة وكانت مصدرا للإزعاج فى مباراة الأهلى والإسماعيلى العقيمة الضعيفة السيئة (هذا هو الاسم الثلاثى للمباراة) التى شهدت أول ضربة ركنية فى الدقيقة 17.. مما يعنى أن اللعب من البداية كان هرولة ممزوجة بالهرتلة فى وسط الملعب، ثم أصبح مناورة مشتركة بين الطرفين، لكنها بلا ذخيرة حية، فالسولية يمسك الكرة ويمررها إلى عاشور، الذى يردها إلى عبدربه، فيخجل ويرسلها إلى غالى، فيسعد ولا يصدق فيخطأ ويعطيها إلى مهاب سعيد الذى لم يشعر بلحظة سعادة واحدة طوال اللقاء، فيما خرج لاعب واحد فائزا وهو شريف إكرامى.
ــ أما كوم الدكة فى تلك المباراة فهى المنطقة التى مارس فيها نابليون بونابرت الجديد البرتغالى اعتراضه الشرس ضد الحكم.. ولأن الإمبراطور يرى بعينه فقط، ويأمر بعينه فقط، ويثق فى عينه فقط، فهو لم يشاهد أن السولية لم يمس عبدالله السعيد الذى فاز بضربة حرة مباشرة سجل منها هدف اللقاء الوحيد.. هكذا عين كل إمبراطور فى التاريخ؟
ــ اعتمد هنا على رؤية وتحليل الكابتن جمال الغندور حكمنا الدولى المعروف، لم يستحق جهاد جريشة كل هذا الهجوم والاحتجاج من أهل كوم دكة مباراة الأهلى والإسماعيلى، إلا أن المساعد السكران احتسب تسللا لا يحتسب ضد عبدالله السعيد وهو ينطلق من نقطة قبل خط منتصف الملعب، ولاحظ أن اعتراضات جوزيه انصبت فى معظمها على إنذارات جريشة وليس على التسلل، وكانت إنذارات صحيحة، وكان غريبا تلك العصبية فى أداء لاعبى الأهلى.. لماذا العصبية؟
ــ هذا الشكل من اعتراضات الطرفين يرسخ الانفلات، وغياب الروح الرياضية، وإذا كانت الدكة تفعل ذلك فهناك مصاطب تفعل أكثر من ذلك، وتشعل النار فى حقول الرياضة، وتزيد من الاحتقان، وتؤكد أننا نؤذن فى مالطا، أو كما يقول بعض أهل فرنسا، نغرد خارج السرب، أو نؤذن فى عاصمة قبرص.. من ضمن المصاطب الشهيرة أن تثار قضية المؤتمر الصحفى وأن تمر فترة توقف تجاوزت 45 يوما دون أن تحل تلك المشكلة نهائيا، لأنه، ربما لا يوجد شىء يحل نهائيا، حتى مشكلة الصرف الصحى، فقد ظل ومازال لغزا منذ بداية السبعينيات، هل يكون فى البر أم فى البحر.. وانتهى به بالشارع والطريق.. بسبب الحيرة؟
ــ الأمانة تقتضى أن هناك محاولة جرت لحل مشكلة المؤتمرات الصحفية، فقد قيل لى إن الاتحاد اقترح أن تترك مساحة بيضاء خالية من راعى الأهلى أو الزمالك أو الاتحاد حسب المباراة.. وكان ذلك نموذجا دقيقا للحلول المصرية، يعنى لا حل قاطعا وساطعا، وإنما رأس يدفن فى الرمال، وظهر يدار للأسد لعله لا يراك باعتبار أنك تتظاهر بأنك لا تراه.. يا لها من عبقرية ذهنية نصنع بها الكنافة فى حياتنا..؟