«فيفا زاباتا»
سيد قاسم المصري
آخر تحديث:
السبت 29 ديسمبر 2012 - 8:15 ص
بتوقيت القاهرة
فيفا زاباتا.. هو فيلم من روائع السينما العالمية فى الخمسينيات. قام بدور البطولة فيه مارلون براندو، وهو مأخوذ عن كتاب المؤلف الأمريكى جون شتاينبك.. ويحكى الفيلم قصة الفلاح المكسيكى الثائر الذى لم ينل شيئا يذكر من التعليم وبالكاد يستطيع القراءة والذى قادته الثورة لمنصب رئيس الجمهورية.
•••
كانت الثورة هى ثورة فلاحين حرموا من أراضيهم، حيث قام كبار الملاك بمصادرتها وضمها إلى أراضيهم ووضع سياج من السلك الشائك حولها.. وقد قرأت مؤخرا عن الكتاب وعن الفيلم وكيف أنهما لا يؤرخان للثورة المكسيكية التى حدثت عام 1910 بقدر ما يستخدمانها كنوذج لمصير الكثير من الثورات وكيف يفسد العنف الكثير من الثوريين وكيف تفسد السلطة الآخرين الذين يجدون أنفسهم يتبعون سياسات وأساليب لا تختلف كثيرا عن سياسات وأساليب الأنظمة التى ثاروا عليها.
•••
كثير منا يذكرون المشهد الأول والمشهد الأخير لهذا الفيلم.. وهو نفس المشهد، حيث يجلس السنيور دياز رئيس الجمهورية على مقعده الوثير خلف المكتب الكبير فى القاعة الفسيحة التى يقف فى آخرها مجموعة الفلاحين الذى وافق الرئيس على استقبالهم وسماع شكواهم.. يقفون ويستمعون فى غير اقتناع إلى كلام رئيس الجمهورية الأجوف ثم ينصرفون حزانى مطأطئى الرؤوس كما قدموا.. ينصرفون عدا واحد منهم هو الفلاح الثائر زاباتا.
•••
فى المشهدين.. الأول والأخير يتكرر نفس الموقف بكل تفصيلاته مع فارق وحيد بينهما.. فى المشهد الأول كان الفلاح الذى تخلف ولم ينصرف هو زاباتا الذى بقى لكى يجادل الرئيس.. وفى المشهد الأخير كان الذى يجلس على مقعد الرئاسة هو الفلاح الثائر زاباتا الذى استقبل وفدا من الفلاحين الغاضبين الذين جاءوا يشتكون له من شقيقه الذى يستولى على أراضيهم ويطردهم منها ويقيم حولها سياجا.. وعندما قال لهم الرئيس زاباتا «سأنظر فى الأمر».. انصرفوا وهم حزانى مطأطئى الرؤوس عدا واحد من الشباب ظل فى مكانه ليجادله ويقول له هؤلاء الفلاحين ليس لديهم وقت حتى تنظر فى الأمر.. إنها الحياة أو الموت بالنسبة لهم.. فيصرخ زاباتا فى وجهه غاضبا ويسأله عن اسمه ويهرعه إلى المكتب ليسجل اسمه على ورقة.. ثم يتذكر أن هذا المشهد سبق له رؤيته عندما كان هو يقف فى آخر القاعة معارضا للرئيس.
•••
تذكر زاباتا قبل فوات الأوان وترك القصر الجمهورى وذهب إلى قريته وأعاد الأرض إلى الفلاحين وقبض على أخيه وأعدمه.. وقال مخاطبا الفلاحين.. كنتم دائما تنتظرون رجالا أقوياء بلا أخطاء.. لا يوجد مثل هؤلاء الرجال.. إنهم بشر أمثالكم.. يتغيرون ويضعفون ويخطئون وينزلقون..
•••
لا أدرى ما الذى جعلنى أتذكر زاباتا المكسيكى هذه الأيام.. لعله الفلاح البسيط الذى وصل إلى مقعد رئيس الجمهورية وكاد ينسى ما كان يدعو إليه من قبل.