ملاحظات أخرى على النواحى الإدارية فى اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية
رانية فهمى
آخر تحديث:
السبت 30 يناير 2021 - 7:30 م
بتوقيت القاهرة
ألزمت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 143 لسنة 2019 لتنظيم ممارسة العمل الأهلى والتى صدرت فى 11 يناير 2021 «الكيانات التى تمارس أنشطة مرخصًا بها بخلاف العمل الأهلى، وقامت بممارسة العمل الأهلى أو نشاطا يدخل فى أغراض الجمعيات الأهلية، أن توفق أوضاعها بمجرد إخطارها بذلك من الوحدة». (مادة 2) وهذا يشمل الشركات ومكاتب المحاماة التى تقوم بأنشطة العمل الأهلى. وكنت أفضل أن تورد المادة البديل الآخر لبدء إجراءات توفيق الأوضاع وهو ما نص عليه القانون فى مادته الرابعة من مواد الإصدار أنه «بمجرد العمل بهذه اللائحة أيهما أقرب».
وفى حين أن القانون كان واضحا فى توضيح عاقبة عدم توفيق الأوضاع لكل كيانات العمل الأهلى المسجلة بوزارة التضامن أو غير المقيدة (المادة الثانية من مواد الإصدار)، جاءت المادة 13 من اللائحة لتشير فقط للجزاء على الكيانات غير المقيدة وهو اللجوء إلى محكمة القضاء الإدارى المختصة لإصدار حكمها بحل هذا الكيان على وجه السرعة.
وفى كلا الأمرين السابقين، بما أن اللائحة التنفيذية هى خارطة الطريق والمفسرة للقانون فكان يجب تضمين نصوص القانون فى اللائحة للتيسير ومنع الخلط والالتباس لدى العاملين فى المجال الأهلى.
وعلى أية حال وبخصوص إحالة الكيان العامل فى المجال الأهلى لمحكمة القضاء الإدارى فقد كنت أود أن يكون للكيان حق الطعن على حكم المحكمة بالحل بأن يرد نص يعطيه الحق بعرض وجهة نظره وفحص المستندات التى يتقدم بها لتأييدها. فإذا أصدرت المحكمة حكما بحله، فإنه يجوز له أن يطعن على هذا الحكم بالاستئناف أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة المختصة طبقا لأحكام قانون المرافعات وفى مواعيد الاستئناف المقررة فيه. فإذا أصدرت المحكمة حكما برفض الطعن وبحل الكيان، فللأخير أن يطعن على هذا الحكم بالنقض طبقا للأحكام القانونية المقررة للطعن بالنقض.
مجالات عمل الجمعيات
حظر القانون على الجمعيات ممارسة أنشطة من شأنها الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الوحدة الوطنية أو الأمن القومى (فقرة د، مادة 15) وهذه العبارات عبارات غير محددة ويُخشى أن يُترك تفسيرها لتقدير موظفى الجهة الإدارية أو سلطات الدولة وتجد الجمعية نفسها واقعة تحت طائلة القانون وعُرضة لتوقيع العقوبات عليها. وكنت أرجو أن تقدم اللائحة التنفيذية تفسيرا أو تعريفا دقيقا ًلهذه العبارات ولكنها لم تتطرق لذلك.
استطلاعات الرأى
كان القانون قد حظر على الجمعيات إجراء استطلاعات الرأى أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء بحوث ميدانية أو عرض نتائجها بدون الرجوع للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء للتأكد من سلامتها وحيادها وتعلقها بنشاط الجمعية، وإلا تعرضت الجمعية لعقوبات مالية باهظة. وكنت قد أشرت فى مقال سابق إلى تحفظاتى على بعض مواد القانون إلى أن هذا الإجراء يمكن أن يعيق عمل الجمعية لأن جزءا هاما جدا من عملها هو القيام ببحوث ميدانية لمعرفة احتياجات الفئة المستهدفة أو لقياس أثر البرامج التى تقوم بها الجمعية على المستفيدين، خاصة أن الجمعية تخضع أصلا لرقابة الجهة الإدارية (وزارة التضامن). وكنت آمل أن تضع اللائحة التنفيذية تعريفا محددا لاستطلاعات الرأى الإجمالية عن مجال معين من المجالات الاقتصادية والاجتماعية المحظور على الجمعيات القيام بها إلا بموافقة الجهاز المركزى، كأن تُصدر الجمعية بيانات عن نسبة الفقر فى مصر مثلا بناءً على مسح لعينة من المواطنين قامت به مخالفة لبيانات الجهاز، والتفرقة بين هذه النوعية من البيانات وبين استطلاعات الرأى أو البحوث الميدانية المحدودة التى تقوم بها الجمعيات على الفئات المستهدفة من برامج الجمعية. ولكن لم تتطرق اللائحة لهذا الأمر الهام.
مجالس الإدارة ومجالس الأمناء
بالنسبة للجمعيات التى تدير أنشطة المستشفيات والمدارس، أوردت المادة 73 نصا لم أفهم المقصود منه حيث ألزمت الجمعية بتشكيل مجلس إدارة أو لجنة لإدارة تلك الأنشطة التى يتم التصديق عليها من مجلس إدارة الجمعية. فهل معنى ذلك وجود أكثر من مجلس إدارة بالجمعية؟ ولماذا لم يكن النص فقط على إنشاء لجان داخلية؟
أما بخصوص الحالات التى «تقضى فيها المحكمة المختصة بحل مجلس إدارة الجمعية وإلزام الوحدة أو الوحدة الفرعية المختصة، بحسب الأحوال، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور الحكم بتعيين مجلس مؤقت من بين أعضاء الجمعية العمومية أو من غيرهم» (مادة 81) والتى يكون من ضمن اختصاصاته اتخاذ إجراءات الدعوة لجمعية عمومية لانتخاب مجلس إدارة دائم، فلم يتم تحديد موعد أقصى لهذه الدعوة لتفادى تقاعس مجلس الإدارة المؤقت عن تحديد موعد لانتخابات هذا المجلس. كما لم أتبين من المقصودين «بغيرهم» كأعضاء محتملين فى المجلس المؤقت. ورجحت أنه غالبا يقصد «بغيرهم» من العاملين بالجهة الإدارية، وذلك قد يؤثر سلبا على أنشطة الجمعية لعدم درايتهم الكافية بأنشطة ومشاريع الجمعية.
وبالنسبة لحالة عدم تعيين مجلس أمناء للمؤسسة الأهلية أو خلو مكان أو أكثر بالمجلس (مادة 102)، «يصدر رئيس الوحدة المركزية بوزارة التضامن قرارا بتعيين مجلس الأمناء أو العضو الذى يحل محل العضو الذى يخلو مكانه بحسب الأحوال». ولكن لم تذكر المادة الأسس التى يتم بمقتضاها اختيار عضو/أعضاء مجلس الأمناء لو من خارج المؤسسة وهل يتم ذلك بعد أخذ موافقة المؤسسين؟
حل المؤسسة الأهلية
فى حين أجازت اللائحة حل المؤسسة الأهلية بموجب قرار من المؤسسيين المخصصين ووضعت ضوابط لذلك الإجراء الهام وشرط إخطار الجهة الإدارية (مادة 107)، إلا أنها أيضا منحت الأخيرة حق الاعتراض على قرار الحل بدون توضيح الإجراءات فى حالة الاعتراض.
المنظمات الأجنبية غير الحكومية
أضافت اللائحة شرطا إضافيا غير مبررا فى تقديرى، على ذلك الوارد فى القانون، على المنظمات الأجنبية غير الحكومية عند تقديمها طلب ممارسة نشاط أو أكثر من أنشطة الجمعيات والمؤسسات الأهلية الخاضعة لأحكام القانون (مادة 108). ففى حين نص القانون على تقديم الطلب لوزارة الخارجية فقط، أضافت اللائحة إجراءً آخر وهو التصديق على المستندات والبيانات المرفقة بالطلب من السفارة المصرية فى دولة المنظمة الأم.
الوحدة المركزية والوحدات الفرعية
وهى الوحدة التى استحدثت وفقا للقانون لتحل محل الإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات، وقد أفردت لها اللائحة المواد 118ــ 173 منها الخمس مواد الأولى توضح الهدف من إنشاء الوحدة وعملها وهيكل إدارتها ومصادر تمويلها واختصاصات لجنة الموارد البشرية بها، بينما خُصصت المواد الباقية لبيان تفاصيل دقيقة خاصة بالموارد البشرية. وقد كان أحرى أن يخصص لذلك باب مستقل ملحق باللائحة.
استشارى حقوق الطفل