وقالت الوردة: يعود؟!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الإثنين 30 مارس 2015 - 9:40 ص
بتوقيت القاهرة
•• «إن عودة كرة القدم دليل على استقرار مصر».. هكذا يفسر البعض أهمية اللعبة، وهو تفسير لا أعترف به، ففى دول تعيش حروبا أهلية هناك بطولات دورى.. كذلك لا أفضل التبرير الآخر كلما دار الحديث عن عودة كرة القدم بأنها تمثل رزقا لملايين، وهى بالطبع صناعة ونشاط مهم، لكن عشاق الخراب، يترجمون أحاديث عودة كرة القدم بأنها سبوبة، ويدهشك أنهم لا يرددون نفس الرأى كلما طالب أهل السياحة بعودتها، ولا كلما طالب أهل الصناعة ورجال الأعمال بإدارة المصانع وتشغيلها، إلا أن أساتذة علم «السببولجى» وهم العاطلون والانتهازيون والمرتزقة فى مجال اللعبة يترجمون الحياة الطبيعية بجميع أنشطتها بما اعتادوه من مقابل، فالفعل عندهم، له نتيجة واحدة هو الثمن، هو كم يساوى من مال؟ كم يقبضون بدون عمل أو وظيفة؟!
•• قبل سنوات كتب الصحفى الفرنسى باسكال بونيفاس فى سيانس أومان يقول: «كرة القدم هى الظاهرة العالمية الأوسع والأعرض، ومركّز العولمة وتناقضاتها وامبراطوريتها، وهى اللعبة التى سيطرت بسلمية على النفوس وخلبت الألباب. حتى أصبحت كرة القدم جزءا من الثقافة الإنسانية والمجتمعات..»..
•• إذن إن كرة القدم نشاط إنسانى جميل وبها عشرات القيم، من الترويح إلى الكبرياء، ومن كونها قوة ناعمة بالنسبة لدولة مثل البرازيل، وقد كانت ومازالت قوة ناعمة عند المصريين. وتلك القيم وغيرها كثير تعد من أسباب شعبية كرة القدم الجارفة ، فهى توحد الناس والشعوب، وتسمح بلقاءات بين الثقافات وتزيل الخلافات، وتمزج بين الحضارات، وتساهم فى نشر ونثر السلام، والمحبة والخير، وكانت اللعبة وراء إسقاط تاريخ من الحروب والدم بين دول مثل كوريا واليابان وكانت أقوى من صدامات أمريكا مع إيران، ومبارياتها فيها مشاهد احتفالية جميلة ورائعة.. هى ليست كما يراها الكارهون، المتعصبون، المرضى النفسيون؟
•• انتصف نهار الأحد، وأخذت أسأل سؤال الساعات الأخيرة: هل تستأنف مسابقة الدورى اليوم الاثنين؟ لم أحصل على إجابة قاطعة.. ولا أظن أن أحدا منا حصل من قبل على إجابات قاطعة لأسئلة واضحة فى الرياضة والاقتصاد والسياسة والتنمية، حتى أننا لا نعرف مثلا حتى اليوم مصير ممر التنمية وقدر أهميته. وحتى الساعات الأخيرة وقبلها بأيام نتساءل هل يعود الدورى، وظلت الإجابات كلها مبهمة مائعة، مطاطة، فأنت تسأل شخصا ماذا تعمل، فيرد عليك قائلا اسمى إن شاء الله منعم؟ وتتعجب، فلا هو رد على السؤال، ولا هو يدرك أن الله شاء أن يكون اسمه منعم منذ مولده.
•• لم نعد نحتمل استمرارنا فى ممارسة حياتنا وفقا لقواعد لعبة طاولة الزهر والحظ، بينما يمارس العالم الآخر حياته بقوانين الشطرنج.. وأمام الحيرة، أمسكت وردة، وأخذت أقطف أوراقها بعد أن سألت هل يعود الدورى؟.. ودارت العجلة، يعود، لا يعود، ثم قالت الورقة الأخيرة فى الوردة: يعود.. إنه أمر لا يختلف كثيرا عن قراءة الطالع وقراءة الفنجان، وسؤال أهل الشعوذة «والبتنجان»؟
•• عودة كرة القدم ضرورة بقواعد وقانون واضح يحارب العنف والشغب، وهو مرض لابد من مواجهته بدون تأجيل أو تثاؤب. فلابد من وضع حد فاصل بين أنصار اللعبة ومحبى الخير وبين أنصار الفوضى والذين يحبون الكراهية..؟!