(نعم.. يوجد بديل أفضل)


عمرو نويجي

آخر تحديث: الثلاثاء 1 مايو 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فى إطار وصف «د.زياد بهاء الدين» للطور الراهن من الثورة المصرية:


«نحن بالفعل فى قلب أزمة دستورية حقيقية»، قد يكون اقتراحه للخروج منها


(الشروق 24/4/2012م ص 14) خيارا عمليا مقبولا منطقيا.


كتب «د.زياد» ملخصا اقتراحه.


«مخرجنا من الأزمة الحالية هو أن نتفق على ترتيبات دستورية مؤقتة ولكن واضحة، تتيح انتخاب رئيس جديد وإنهاء الحكم العسكرى، ثم نأخذ وقتنا بعد ذلك فى كتابة الدستور الكامل لمصر دون توتر أو استعجال».


ثم ذيل مقاله بدعوة كريمة للحوار نصها «أم هل لديكم بديل أفضل من ذلك؟».


واستجابة لهذه الدعوة أقدم رأيا مخالفا قد يرى آخرون صوابه:



1ــ مصر ليست فى أزمة دستورية:


 إذ ليس فى مصر الآن نظام دستورى حتى نطلق على حالتها الثورية وصف «أزمة دستورية»، فلا يوجد دستور أصلا. إذ سقط دستور عام 1971م، والإعلان الدستورى الذى صدر عام 2011 م لم يرسخ أسس نظام سياسى قادر على إصدار قرارات سياسية قابلة للتنفيذ يصدع لها جهاز إدارة المجتمع ويقوم بتنفيذها، أو حتى تلقى قبولا اجتماعيا من طوائف الشعب يسهل على جهاز إدارة المجتمع مهمته. مصر مازالت فى خضم أزمتها الثورية.



2 ــ فى مظهر الأزمة وخطرها:


يقول د.زياد بهاء الدين «فى مقالة».. «وسوف تكون خسارتنا كبيرة لو فقدت الجماهير اهتمامها بالدستور واعتبرت أنه موضوع يخص النخبة السياسية غير المهتمة بالتواصل مع الناس أو بمشكلاتهم»: وواقع الحال أن الجماهير فاقدة أصلا للاهتمام بالدستور، بل وهى منهمكة فى أنشطة ثورية واسعة النطاق يمكن إجمالها فى حركتين اجتماعيتين تشملان كل بقاع مصر وكل طوائف الشعب.


(أ) حركات الإضرابات والاعتصامات: وما يصحبها من ظواهر عنيفة مثل قطع المواصلات واحتجاز الموظفين العموميين.


(ب) حركة البناء على الأرض الزراعية: وقد تضاعفت بحيث أصبح جليا استحالة وقفها بالوسائل الإدارية والقانونية.


هاتان الحركتان الاجتماعيتان هما جوهر الأزمة الثورية، أما مصدر الخطر فهو غياب مسار سياسى يستوعبهما، فالمسار الدستورى (ببدائله المختلفة) يفترض ضمنا أن فقدان المشروعية الدستورية للحكم فى الفترة الانتقالية هو سبب عجز جهاز إدارة المجتمع عن تلبية احتياجات هذه الجماهير (أو قمعها!)، وواقع الحال أن ليس فى طوق جهاز إدارة المجتمع تلبية هذه الاحتياجات أو قمعها، وأتفق مع «د. زياد» فى أن الناس «..بدأت تنصرف عن الأحزاب السياسية، وصارت على يقين أن هذه القوى السياسية لا تكثرت إلا بمصالحها الضيقة». وهو مصدر الخطر الحقيقى فى نظرى، فغياب مسار سياسى تسلكه الحركة الجماهيرية يترك الجماهير وجهاز إدارة المجتمع وجها لوجه فى أوضاع شديدة الخطورة، ستطيل «الفترة الانتقالية» مهما كان مظهرها الدستورى، أو  مهما اتخذت من أقنعة المشروعية.


ولتفادى الاستمرار فى مسار خطير لا يحتمل جهاز إدارة المجتمع (جهاز الدولة) تبعات نتائجه ولا يمكنه تفاديه، ولا تستطيع الأحزاب السياسية إقناع الشعب بإيقاف حركتيه الاجتماعيتين الثوريتين.


فى إطار ذلك المسار، أقترح على الحركات السياسية الثورية مسارا آخر يمكن أن يفتح بابا جديدا لنجاح الثورة وإنقاذ الدولة وتحقيق النهضة، ويعيد تأسيس الحياة السياسية المصرية على أسس واقعية.



3 ــ البديل الأفضل:


(أ) أن يوجه ائتلاف شباب الثورة والحركات السياسية التى تتوافق معهم الدعوة لممثلى العاملين المضربين أو المعتصمين لعقد مؤتمر شعبى تكون مهمته حصر وتنظيم مطالب جميع الفئات المشاركة، ذلك أن الائتلاف قد سبق له طرح هذه الفكرة فى إطار برنامجه لتحقيق العدالة الاجتماعية.


(ب) أن يعقد المؤتمر السابع للفلاحين التعاونيين بمشاركة الأجيال الجديدة عن طريق دعوتها لتكوين جمعيات تعاونية لاستصلاح الأراضى (تحت التأسيس) تكون مهمته بحث السبل التى تمكن الفلاحين وأبناءهم من الحصول على الأراضى الجديدة، والتى تكفل إيقاف حركة البناء على الأرض الزراعية القديمة.


(ج) أن تكون مقررات المؤتمرين أساسا لعقد مؤتمر قومى للقوى الشعبية يتكون من ممثلى الهيئات الاجتماعية التى توافق على هذه المقررات، وتكون مهمته صياغة وثيقة تحدد الحقوق الاجتماعية والواجبات التى يجب على القانون الأساسى أن ينص عليها حتى يتشكل بموجبه نظام سياسى يعبر عن ديمقراطية العدالة الاجتماعية، ويتوفر له القبول المجتمعى من الجماهير التى يضيق المسار الدستورى الحالى عن استيعابها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved