«إنه كحلم جميل»
الأب رفيق جريش
آخر تحديث:
السبت 30 أبريل 2016 - 9:40 م
بتوقيت القاهرة
«إنه كحلم جميل».. كان هذا تعليق نور إثر سفرها مع عائلتها على طائرة البابا التى أقلّتهم من جزيرة ليسبوس اليونانية حيث معسكر اللاجئين إلى روما. حيث يتولى أمرهم الفاتيكان وجمعية سانت اجيديو الكاثوليكية والتى تهتم بالحوار الإسلامى ــ المسيحى، فقد هرب حسن ونور وابنهما رياض ابن السنتين من ضواحى دمشق من غارات الطيران وعبروا من سوريا إلى تركيا واحتجزوا فى مدينة الرقة شمال شرق سوريا على أيدى تنظيم داعش وساعدهم مُهرِّب على الفرار، وفى ميناء تركى رفض حسن أن تركب أسرته زورقا مطاطيا مخصصا لأربعين شخصا وكان عليه أكثر من 62 شخصا فى أحوال بحرية وجوية سيئة للغاية، ولكن أخيرا نجحت الأسرة فى تجاوز الرحلة البحرية لتجد نفسها عالقة وسط الإجراءات الإدارية فى جزيرة ليسبوس وأصبحت الجزيرة اليونانية شبه سجن للأسرة حتى جاء إليهم قداسة البابا فرنسيس هو أصلا ابن عائلة إيطالية هاجرت إلى الأرجنتين وأصبح رأس الكنيسة الكاثوليكية إلى الجزيرة عينها ليأخذهم مع عائلات أخرى إلى روما.
هكذا أعطى البابا فى سنة الرحمة التى أعلنها (2016) عظة بليغة بدون كلمات ودرس بدون منبر بل تعدى بالرحمة كل حاجز خاصة حاجز الدين والعِرق حيث العائلات مسلمة وسوريا المواطنة، كما كسر لدى الأوروبيين حاجز الخوف تجاه اللاجئين الذين يأتون إليهم وهم من ثقافة أخرى وديانة أخرى.
هذه الزيارة سكبت كثيرا من الدموع أمام لطف قداسة البابا فرنسيس والمرافقان الروم الأرثوذكس وهما بطريرك القسطنطينية ورئيس أساقفة أثينا، فاللاجئون شاهدوا فى هؤلاء الأحبار حنو السماء والانحناء والرحمة بالإنسان الجريح المتروك «بين حى وميت» فقد كانوا شهودا «لمحبة الله».
لقد أعطى البابا درسا عظيما خاصةً لبلاد أووبا الرافضة لاستقبال اللاجئين والتضييق عليهم بحجة اختلافهم فى العرق أو الدين وخوفا من غزو الإسلام السياسى أو التطرفى عليهم أو على أسلوب حياتهم أو حتى من المسيحيين الشرقيين الذين بالنسبة لكثير من الغربيين هو مختلف عنهم.
لقد أعطى البابا درسا عن محبة الإنسان لأخوة الإنسان وأعطى مثلا عن قيم الاستضافة والمساعدة فى إيواء من ليس لهم بيتا وزيارة السجين والمقهور والضعيف لعل العالم يفهم أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش لذاته أو متمحورا حول ذاته بأنانية وكبرياء بل يستطيع أن يعيش ويحيا للحب وبالحب الممتد نحو الآخر.