استكمال الحديث عن الجامعات فى أمريكا
محمد زهران
آخر تحديث:
السبت 30 أبريل 2022 - 7:55 م
بتوقيت القاهرة
فى المقال السابق تحدثنا عن الجامعات فى أمريكا وأن منها أفضل جامعات العالم، بعكس التعليم المدرسى الذى تتفوق فيه بعض الدول الأوروبية ودول مثل سنغافورة على أمريكا، وحاولنا البحث عن الأسباب التى تجعل من الجامعات الأمريكية تحتل أغلب المراكز فى الجامعات الخمسين الأولى على العالم فى أغلب إن لم تكن كل التصنيفات، لكن البحث عن السبب شىء وتمصير هذا السبب واستخدامه عندنا شىء آخر لأن كل دولة لها خصوصيتها وأعرافها؛ لذا وجب التفكير العميق فى أى الأسباب نأخذ بها وكيف. اليوم نستكمل حديثنا عن الجامعات فى أمريكا ونحاول استخراج أسباب أخرى قد تكون السبب فى تفوقها.
أولا: التخصص الجامعى فى الجامعات الأمريكية مختلف عنه فى الجامعات المصرية والأوروبية والآسيوية حيث يغلب التخصص الشديد على الجامعات غير الأمريكية، مثلا إذا تخرجت فى كلية الهندسة بإحدى الجامعات المصرية أو الأوروبية فإن كل دراستك ستكون متعلقة بالهندسة، لكن فى الجامعات الأمريكية فقد تحصل على البكالوريوس بتخصص أساسى وآخر فرعى أو حتى بتخصصين أساسيين، فى الجامعة التى أعمل بها حاليا مثلا هناك عدد كبير من الطلاب يحصلون على البكالوريوس فى تخصصين: علوم الحاسب وعلم النفس، هذا لا يمكن أن يحدث عندنا لأن أحد التخصصين علمى والآخر أدبى. أعتقد أنه من الصعب تطبيق هذا النظام فى جامعاتنا لأنه يحتاج إلى تعديلات كبيرة فى النظام الجامعى والمدرسى، لكن فى نفس الوقت إزالة الحوائط الجامدة بين التخصصات مهم لأن فكرة ما فى تخصص قد تفيد فى تخصص آخر بعيد تماما والعلوم متداخلة يؤثر بعضها على بعض، لذلك من الممكن مثلا فى جامعاتنا فى مصر تحديد عدد من المواد الدراسية (ليس مادة أو اثنتين لكن تحديد عدد أكبر من ذلك) يدرسها الطالب فى تخصص مختلف تماما أو كلية مختلفة عن كليته وتحتسب فى مجموع درجاته، هذا مجرد رأى يحتاج إلى مناقشة.
ثانيا: فى جامعاتنا لا يمكن لمن هو على درجة مدرس الإشراف على طلاب الماجستير والدكتوراه بمفرده بل يجب أن يكون هناك مشرف آخر على درجة أستاذ مساعد أو أستاذ، فى الجامعات الأمريكية المدرس يمكنه الإشراف منفردا على طلاب الدكتوراه والفكرة هنا أن المدرس غالبا ما يكون حديث التخرج وبالتالى يكون مطلعا على أحدث الدراسات فى تخصصه، وصغر سنه يجعله أكثر نشاطا وعنده دافع أكبر لإثبات نفسه، والمشرف على دكتوراه كاتب هذه السطور كان على درجة مدرس. أعتقد أنه من المفيد لطلابنا وللبحث العلمى عندنا أن نعطى فرصة أكبر لمن هم على درجة مدرس للإشراف بأنفسهم ومنفردين على طلاب الدراسات العليا. قد يقول قائل إن بعض أعضاء هيئة التدريس عندنا يظلون على درجة مدرس حتى سن المعاش وهو دلالة على عدم اهتمامهم بالبحث والنشر العلمى، لذلك أقترح (وهو أيضا رأى شخصى) أن نعطى المدرس تلك الحرية التى ذكرناها فى السنين الخمس الأولى بعد الحصول على الدكتوراه، بعد ذلك إن لم يحصل على درجة أستاذ مساعد لا يسمح له بالإشراف منفردا حتى يحصل على الدرجة.
ثالثا: درجة الماجستير فى أمريكا مختلفة عن أغلب دول العالم من حيث الهدف، الماجستير فى أمريكا فى الأغلب هو التعمق فى تخصص ما وليس البحث العلمى، لذلك فى أغلب الجامعات الأمريكية الحصول على درجة الماجستير يتأتى بدراسة عدة مواد دراسية فقط وليس عمل رسالة جامعية أو بحث علمى، هناك بالطبع اختيار عمل رسالة لكنه ليس الأساس، لذلك يسمح للطالب الحاصل على البكالوريوس البدء فى الدكتوراه دون الحصول على الماجستير، والدكتوراه فى أمريكا جزءان: دراسة بعض المواد ثم البحث العلمى والرسالة بعكس جامعات أوروبية كثيرة لا توجد بها مواد دراسية للدكتوراه. أعتقد أن النظام عندنا فى مصر أفضل حيث إن البحث العلمى فى الماجستير يؤهل الطالب أكثر للتقدم للدكتوراه، ومن أراد الحصول على الماجستير فقط ثم التوجه إلى سوق العمل فإن تجربة البحث العلمى فى الماجستير ستساعده على التفكير النقدى والتحليلى وهى مهارة مفيدة فى أى عمل.
جدير بالذكر أن الجامعات فى أمريكا إما حكومية وإما أهلية، من النادر جدا أن تجد جامعة خاصة أى يمتلكها شخص يتربح منها (قد توجد بعض الجامعات الصغيرة من هذا النوع لكنى شخصيا لا أعرفها).
مازال هناك العديد من نقاط الاختلاف بين الجامعات فى أمريكا وبقية جامعات العالم، هل هذه الاختلافات هى سبب تقدم الجامعات الأمريكية؟ مازال الموضوع يحتاج لدراسة وتفكير ومقالا هذا الأسبوع والأسبوع الماضى هما محاولة أولية لدراسة أسباب تفوق الجامعات الأمريكية لكنها خطوة أولى.