الخروج من المأزق

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الأربعاء 30 مايو 2012 - 8:20 ص بتوقيت القاهرة

فى محاولة ساذجة للخروج من المأزق الذى وصلت إليه نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، سارع البعض إلى المطالبة بإفساح الطريق أمام حمدين صباحى لخوض معركة الإعادة، بديلا عن مرسى فى مواجهة شفيق. اعتمادا على أن الصباحى يمثل الثورة، وأنه حصل على عدد كبير من الأصوات يقارب ما حصل عليه مرسى. فضلا عن أن التأييد الشعبى لصباحى يضعه فى مرتبة تمكنه من منافسة شفيق الذى يمثل النظام السابق، وتقف وراءه قوى الفلول ورجال مبارك!

 

ومثل هذه الأفكار التى تأتى من بعض أساتذة السياسة المحترفين، لا تخدم الصباحى حتى لو سنحت الفرصة للإعادة. ولا تهدف غير هدم العملية الانتخابية من أساسها والإطاحة بمصداقية الصندوق. والأفضل أن تمضى حملة الصباحى فى سياسة الطعون والدعاوى التى تستهدف وقف إعلان النتائج وإعادة الفرز والانتخابات فى عدد من الدوائر، حتى لا تبدو العملية الانتخابية وكأنها مجرد ردود أفعال تسير على غير هدى، لوقف تقدم مرسى والإخوان، وعرقلة زحف شفيق والفلول. فإذا أسفرت الطعون عن عودة الصباحى إلى السباق فأهلا وسهلا، وإذا لم تنجح المحاولة فلتمض الإعادة فى طريقها!

 

لقد كشف المأزق الانتخابى الراهن عن حقيقة لا يمكن إنكارها، وهى فشل النخبة فى قراءة أفكار الشعب واستطلاع إرادته. واتضح أن كفة المؤيدين للاتجاهات الإسلامية تتوازى وتتقارب مع كفة الاتجاهات الرجعية المحافظة من بقايا النظام، وتتقاطع مع الاتجاهات الشعبية المؤيدة للثورة ومطالبها فى الحرية والعدالة. فنحن إذن أمام ثلاث كتل تصويتية متقاربة، تعكس درجة الانقسام الشعبى وتطرح أسئلة على كثير من الإدعاءات.

 

ولا سبيل فى هذه الحالة إلى صدّ الإخوان عن الوصول إلى أهدافهم وتعطيل حركة التيارات الدينية عن مواصلة التقدم فى محاولة لاجتياز انتخابات الإعادة.. والمشكلة هى أن كثيرا من الأصوات التى لم تجد لها مكانا فى معسكرات أبوالفتوح والصباحى قد تتحول إلى تأييد التيار الإسلامى باعتباره الأقرب إلى الثورة ومنطق الثورة حتى وإن اختلفت التوجهات والتفضيلات.

 

ومن الواضح أن التيار الإسلامى يدرك حجم التحديات التى تواجهه. وقد انتهزت القوى المضادة ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات، لتعبئ صفوفها استعدادا لمرحلة الإعادة. وعلى الرغم مما يبديه معسكر شفيق من رغبة تصالحية، ويتعهد فى تصريحاته بعدم الانتقام وإعادة الثورة المختطفة للشباب، مؤكدا عدم إعادة إنتاج نظام مبارك.. فإن مصداقية شفيق كانت ومازالت على المحك!

 

ومن هنا فإن نجاح العملية السياسية وعدم تعرضها لنكسة تعيدها لسيرتها الأولى إلى ما قبل الثورة، يتوقف إلى حد كبير على مدى إدراك القوى الوطنية لحجم الأخطار التى تواجهها بإعادة إحياء نظام مبارك. وتستدعى بالتالى ضرورة تشكيل جبهة وطنية تعمل على إسقاط بقايا النظام. وقد امتلأت الصحف بأحاديث عن صفقات واشتراطات ومقترحات لإعادة لم الشمل ووضع وثيقة توافقية بين الأحزاب والقوى السياسية تضمن عدم انفراد حزب بالسلطة. غير أن تجربة الوثائق التوافقية السابقة أثبتت فشلها، ومع ذلك فسوف تكشف الأيام القليلة القادمة عن طبيعة التربيطات والتحالفات التى تمت ولحساب من؟.. حتى لا يقال إن دخول شفيق وخوضه سباق الانتخابات الرياسية كان بهدف تمهيد الطريق أمام مرسى وإبعاد أبوالفتوح والصباحى وعمرو موسى من المعركة!

 

فى اعتقادى أن المشهد الراهن رغم ما يثيره من قلق الكثيرين، يعتبر مشهدا ديمقراطيا بامتياز. فمن الطبيعى أن يفوز مرشح وينهزم الآخر. وحين يكف الخاسرون الذين صدمتهم خسارة الصباحى عن الولولة والعويل، ويعدوا عُدّتهم لمواجهة تبعات الديمقراطية بغنائمها وخسائرها فى انتخابات قادمة فسوف تكون تلك بشارة للمستقبل.

 

ومهما تكن فيه من صعوبات وعقبات، فالأفضل أن تتدرب القوى السياسية على الوصول إلى حلول وسط فيما بينها. وألا يعتمد فصيل بعينه على استحواذه على السلطة. لأن مثل هذه الترتيبات غالبا ما تنتهى نهاية مأساوية ولا تعيش طويلا!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved