غاب سيد إبراهيم.. وبقيت زهور القرآن الكريم
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
السبت 30 مايو 2015 - 9:20 ص
بتوقيت القاهرة
يداهمنى دائما إحساس داكن شديد المرارة حينما تأتى الانباء صادمة تعلق عن رحيل احد العقول الجميلة وانسحابه من دائرة الضوء ليتوارى خلف سحب من الظلام كثيفة. ايضا عمر الشريف النجم المصرى الذى سطع فى سماء السينما العالمية بطلّته الشرقية وثقافته ولغته الانجليزية الراقية يغيبه الآن سرطان الذاكرة ويسحبه طائعا إلى عالم الغياب مرض الالزهايمر.
يلقب الالزهايمر إلى الآن «بخرف الشيخوخة» نسبة إلى انه مرض كبار السن فقط لكن الواقع ان لغزا مازال العلم يقف على اعتاب معرفة حقيقية لكهنه واسبابه الحقيقية. من اغرب ما يمكن الحديث عنه انه فى كولومبيا مدينة كل من يعيش فيها ينتظر ساعة فى عمره هو على موعد فيها مع الالزهايمر بالفعل كل سكانها على اختلاف اعمارهم فى مرمى خطر الالزهايمر الذى يختار من بينهم ضحاياه دون اعتراف بعامل السن أو انتظار لمرحلة شيخوخة!
هناك ايضا العديد من الحالات التى يتم تشخيصها قبل سن الاربعين ولأنه ليس للالزهايمر اثر مباشر على سنوات عمر الانسان فإنه من الطبيعى ان يعيش سنوات طويلة مغيبا عن واقعه غريبا عن مجتمع يعيش فيه ويمارس وظائفه الفسيولوجية دون توافق ووظائفه الذهنية أو النفسية. تنطلق شخصية اخرى من اسارها تفلت من احكام العقل الذى ذهب ليبدو المريض فى صورة اخرى ربما تختلف تماما عن تلك التى كانت. لا أود ابدا الحديث عن عمر الشريف الذى كان ولا كيف هو الآن فهو بكل تناقضاته التى عرفناه الصادقج منها والذى زيفه آخرون تظل له فى وجدانى صورة بديعة وهو يتسلم جائزة سيزار الفرنسية عن ادائه العبقرى فى فيلم «سيد ابراهيم وزهور القرآن الكريم».
كفوا أيديكم عن الرجل ودعوه ينسحب فى كرامة إلى ما وراء أستار وحجب النسيان مع هذا تكريم له. لسنا بحاجة ابدا لأن نتلقى يوميا جرعات من المرارة هى فى الواقع اعلانات عمن يرعاه الآن ويزوره يوميا ومن يتولى علاجه من الاطباء رغم اننا نعرف جميعا انه لا علاج للالزهايمر شافيا حتى يعرف سببه على اساس علمى واضح.
انتهى وقت الحديث عن موهبة عمر الشريف المتواضعة كما وصفها احد الكتاب ووصفه بأنه كان ممثلا متوسطا فى حديثه عنه الذى لا ادرى تحديدا كتبه بأى صفة: طبيب لامراض المخ والاعصاب اما ناقدا سينمائيا متميزا؟ اما الاعجب فإنه قد انهى عموده بالتعبير عن تعاطفه مع المحيطين بعمر الشريف وما سيلقون من عناء فى رعايته بعد ان اختار ان يتمتع بمباهج الدنيا مهدرا فرصة ان يحصل على مجد أكبر!
تظل بلاشك قلوب اسوياء النفس بالفطرة مع من يصابون بذلك الداء الذى يذهب بعقول جميلة يدعون لهم بالسكينة ونظل ندعو المجتمع للترفق بهم والاهتمام بمصائرهم فنحن فى الواقع لا نلتفت الا للمشاهير منهم حينما يداهم احدهم الداء بينما يعيش بيننا الكثيرون فى طريق الحياة العكسى.