التوافق ليس بتجميع الأضداد ..المبادئ الأساسية فى تكوين الجبهة الوطنية

صفوت قابل
صفوت قابل

آخر تحديث: السبت 30 يونيو 2012 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

 بعد الضربات التى وجهها المجلس العسكرى للإخوان من خلال المحكمة الدستورية التى قضت بعدم دستورية قانون العزل وحل مجلس الشعب ومع الخوف من تزوير الانتخابات الرئاسية عاد الإخوان إلى محاولة بناء ما سموه الاصطفاف الوطنى ومع نجاح مرشح الإخوان للرئاسة تجددت مطالبات العديد من القوى السياسية بضرورة التوافق وتكوين جبهة وطنية وهو ما تدعو له الإخوان أيضا، ولكن قبل أن نسأل عن الأهداف المطلوب الاصطفاف حولها ومدى إمكانية تحقيقها لابد أن نستدعى التجارب السابقة فى تكوين مثل هذه الجبهات ولماذا فشلت حتى لا تتكرر نفس الأخطاء.

 

●●●

 

من أهم أشكال الجبهات ما تشكل قبل الانتخابات البرلمانية حيث تأسس التحالف الديمقراطى من أجل مصر فى يونيو 2011 بدعوة من حزبى الوفد والحرية والعدالة وضم عشرات من الأحزاب من مختلف التيارات السياسية المصرية وكان هدف التحالف «دعم التوافق الوطنى عن طريق التنسيق السياسى والانتخابى بين أحزاب التحالف للوصول لبرلمان قوى خالٍ من فلول النظام السابق» ثم قرر حزب الوفد الانسحاب من التحالف وخوض الانتخابات بقائمة منفردة وانسحب كذلك  حزب النور ثم انسحبت عدة أحزاب فى أكتوبر 2011 اعتراضا على نسب تمثيلهم فى قائمة التحالف الانتخابية واستقر التحالف على 11 حزبا أشهرها حزب الحرية والعدالة وحزب الكرامة الناصرى وحزب غد الثورة، كما تشكلت الكتلة المصرية التى استقرت فى النهاية على 3 أحزاب هى المصريين الأحرار والتجمع والمصرى الديمقراطى، كما تكونت الكتلة الإسلامية وهى تحالف إسلامى يضم أحزاب النور والأصالة والبناء.. والتنمية والتى توصف بالسلفية، ويمكن القول إن هذه الجبهات الثلاث هى التى أثرت على الحياة السياسية منذ الانتخابات البرلمانية وحتى الانتخابات الرئاسية.

 

ومن الواضح أن هذه التكتلات قد فشلت جميعها فى الاستمرار بل تحولت إلى حالة من حالات العداء والهجوم المتبادل مما مكن المجلس العسكرى من فرض إرادته وتحولت الخلافات بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية إلى قضايا أمام المحاكم وانتهت بحل الجمعية التأسيسية الأولى، ومن الملاحظ انه من سمات الحياة السياسية فى مصر أن القضاء هو الذى يقوم بتوجيه المسار السياسى من خلال أحكامه بعد أن تفشل القوى السياسية فى الاتفاق، كذلك لم تتعلم الأحزاب كيفية الممارسة الديمقراطية رغم تشدقهم جميعا بها والدليل أن أحزاب الأقلية ترفض أن يكون القرار للأغلبية وتبرر ذلك بأنهم يخططون لإقامة الدولة الدينية من خلال وضع دستور يتفق ورؤيتهم، لذلك أصبحت السياسة فى مصر مرتعا للفوضى والاتهامات المتبادلة مما أدى فى النهاية إلى عودة فلول النظام السابق وبالتالى أحكام البراءة لرجال النظام السابق لنقص الأدلة وأخيرا الإعلان الدستورى المكمل الذى جعل منصب الرئاسة تاليا للمجلس العسكرى.

 

●●●

 

وفى اعتقادى أن هناك ثلاثة أسباب تؤدى إلى فشل محاولات التوافق وهى:

 

1ــ هشاشة أسس التوافق فالدعوة للتجمع تكون عند الأزمات وكوسيلة ضغط لحصول كل طرف على ما يريد ثم مع انتهاء الأزمة أو التوصل لحلول توافقية تنتهى مهمة التحالف

 

2 ــ إن المصالح الخاصة هى التى تحرك الساسة فى اتجاه التحالف كتحالف الأضداد سياسيا مع الإخوان للاستفادة من ثقل الإخوان الانتخابى ثم فض هذا التحالف إما لعدم الحصول على ما يريدون أو انتهاء الانتخابات حيث لم يستمر هذا التحالف فى مجلس الشعب.

 

3 ــ لعنة الأكثرية التى تصيب الأكثرية والأقلية معا، فالأكثرية الاخوانية أصابها الغرور بما حققته وبالتالى تصورت أن وقت الحصاد قد حان وخاصة بعد صفقاتها مع المجلس العسكرى، والأقلية لا تعترف بحق الأغلبية فى اتخاذ القرار ويطالبون بالتمثيل المتساوى بينما الديمقراطية تعطى حقوقا أكثر فى اتخاذ القرار للأغلبية، ولم يدرك الجميع أن هناك أطرافا تستغل ذلك الخلاف بل وتزيده من أجل فرقة الصف الوطنى واستمرار المجلس العسكرى قابضا على زمام السلطة واستمرار النظام السابق فى الإمساك بمفاصل الحكم والإدارة .

 

ومع الإعلان الدستورى المكمل وحل مجلس الشعب ثم انتخاب محمد مرسى رئيسا للجمهورية وما صاحب ذلك من تصريحات غريبة بأن مصر على فوهة بركان وان مصر قد انقسمت إلى نصفين كل منهما يؤيد مرشحا وانه لا يمكن أن يتجاهل المنتصر نصف المجتمع الآخر، حتى وصل الأمر لتخوف البعض من حرب أهلية تندلع فى مصر وخاصة مع كثرة السلاح فى كل الأماكن وبسبب كل ذلك تصاعدت الدعوات إلى توافق وطنى وتكوين جبهة وطنية وهو ما أدى إلى تكوين ما سُمى بالاصطفاف الوطنى مع الإخوان والذى أعلن عنه قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة بيوم ثم أعقبه تجمع آخر سمى بالتيار الثالث والمقصود به انه ضد كل من التيار الدينى والمجلس العسكرى وهكذا هى الحياة السياسية المصرية التوجهات الفردية هى التى تحكم المسار السياسى فكيف ينجح التوافق؟

 

●●●

 

لكى ينجح التوافق لابد من توافر مبادئ أساسية منها:

 

1ــ ضرورة تحديد الأهداف والسياسات التى يتم التجمع من أجلها وليس مجرد التصريحات عن صعوبة المرحلة وضرورة التكاتف من أجل نجاح الثورة وليس من أجل توزيع كعكة السلطة وتحديد من يكون رئيس الوزراء ونصيب كل تجمع من الوزارة، فهذا سيكون شبيها بما حدث عند الانتخابات البرلمانية، وبالتالى لابد من وضع برنامج محدد لهذا التجمع يتوافق عليه الجميع ويعملون على تنفيذه، أما إذا كان التجمع من أجل توزيع المناصب فسيلحق هذا التكتل بمن سبقه من تكتلات فشلت فى الاستمرار بل تحول اعضاؤها إلى أعداء.

 

2 ــ تقبل أن يكون التجمع مكونا من عدد من الأطياف السياسية التى تتفق فى الأهداف العامة وليس بينها تناقض فى التوجهات، لأن تجمع أضداد فى جبهة واحدة سيكون البداية للتناحر والخلاف وبالتالى التشرذم ولن يتحقق الهدف من هذا التجمع.

 

3 ــ علينا أن نتقبل فكرة تعاون الفرقاء وليس توحدهم وان يتقبل الجميع أساس الديمقراطية بالسماح للفائز بأن ينفذ برنامجه دون رفض لذلك، وأمامنا أخيرا ما حدث فى فرنسا حيث جاء رئيس اشتراكى للحكم وبالطبع سينفذ سياسته الاشتراكية وستعارضه الأحزاب الرأسمالية ولكنهم لن ينقلبوا عليه.

 

هل نستطيع أن نتقدم خطوة على طريق الديمقراطية بأن نمارسها فعلا وليس قولا؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved