حوادث الطرق
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 30 يونيو 2022 - 7:35 م
بتوقيت القاهرة
يوميًا تطالعنا المعلومات عن العديد من حوادث الطرق، التى تحصد ضحاياها بالعشرات من أبناء الوطن، ويصاب فيها الكثيرون من الناس، سواء من ركاب السيارات أو المشاة. ما يعصر قلوب ذوى الضحايا وغيرهم من المتابعين لتلك الحوادث أن بعض ضحاياها هم ممن يخرجون من بيوتهم بحثًا عن الرزق ولقمة العيش أو أداء مهمة أو واجب، أو أن بعضهم الآخر قصد مكانًا أو آخر بحثًا عن الراحة والاستجمام بعد عناء عمل أو دراسة استغرقت شهورًا.
فى السنوات القليلة الماضية زادت كفاءة الطرق بشكل كبير، فأصبح عدد الطرق المرصوفة وفق النشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات عن العام 2020 التى يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 101500 كيلو متر، من جملة الطرق المرصوفة والترابية على مستوى الجهورية المقدرة بـ 149900 كيلو متر. مع هذا التطور كان يفترض أن تقل عدد حوادث الطرق جراء تلك الزيادة، لكن ما حدث من تطور إيجابى فى هذا الصدد، لا يترجم بشكل فعال عند النظر إلى إحصاءات الحوادث. فخلال عام 2020 كان عدد وفيات حوادث الطرق وفق ذات المصدر 6164 حالة، مقابل 6722 حالة عام 2019، أى بانخفاض مقدر بـ 8.3% فقط. وكان عدد الإصابات 56789 حالة عام 2020 مقابل 79904 عام 2019، أى بتراجع يقدر بـ28.9%. وخلال عام 2020 كانت أكبر المحافظات التى تقع فيها الحوادث هى الدقهلية وأقلها فى القاهرة.
على أن الغريب فى إحصاءات حوادث السيارات أنه وفقًا لنفس المصدر، كان عدد قتلى الحوادث عام 2018 مقدرًا بـ 3087 قتيلا فى عدد 8480 حادثة، مقابل 3747 قتيلا عام 2017 فى عدد 11098 حادثا. المؤكد أن سبب ارتفاع حوادث الطرق الذى حدث فى العامين الأخيرين (رغم قلته عام 2020 مقارنة بعام 2019) إنما يرجع ضمن أمور كثيرة إلى الزيادة الكبيرة فى عدد المركبات، ناهيك عن أن جودة الطرق قد أغرت على ما يبدو الكثيرين، فزادت رعونة قادة السيارات إلى حد كبير.
واحد من العلامات المميزة لحوادث السيارات يرتبط بكثافة المرور على الطرق. وهنا يتوجب الإشارة إلى ما ذكره المسعفون عبر سيارات الإسعاف التى توفرها الدولة، من أن أيام الأحد والخميس هى أكثر أيام الأسبوع فى وقوع الحوادث. اليوم الأول يشكل عطلة لدى الكثيرين، واليوم الثانى تشكل ليلته يوم العطلة الرسمى.
وعلى الرغم من أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة الإحصاء قد ذكر أنه خلال عام 2020 كانت حوادث الطرق فى شهر يناير هى الأعلى وشهر يونيو هو الأدنى، إلا أن الجهاز لم يفسر سبب ذلك. ورغم أنه كان يظن أن السبب الرئيس فى ذلك يرجع إلى الشبورة المائية والضباب الكثيف على الطرق فى هذا الشهر الشتوى، إلا أن الجهاز نفسه عاد وقرر عام 2017 أن العنصر البيئى فى كم الحوادث نسبته 2% من 11098 حادثة، مقابل العنصر البشرى الذى شكل 78.9% من عدد تلك الحوادث.
وهكذا يتبين أن العنصر البشرى ما زال هو الأهم قاطبة فى حوادث الطرق. فتجاهل نظم الأمان كربط أحزمة، وتعمد السير بسيارات متهالكة أو قديمة، وإهمال خزانات الوقود وإهمال التغيير الدورى لإطارات السيارات، وانشغال قادة السيارات بغير الطريق خاصة استخدام الهواتف النقالة، كل تلك الأمور تعد أسبابًا مباشرة لحوادث السيارات.
إذا أضيف للأسباب السابقة حماقة بعض قادة السيارات بالسير بسرعات كبيرة، والسير عكس الاتجاه، وقيادة من ليس هو أهل للقيادة سواء القيادة بدون ترخيص، أو باستخراج تراخيص بغير الطرق السوية، وحمولات السيارات النقل، وتعاطى بعض قادة السيارات خاصة النقل للمواد المخدرة، وخرق مواعيد السير للشاحنات الكبيرة، وتجاهل قواعد القيادة الآمنة فى التخطى أو الانحراف للطرق الفرعية، أو عدم اتباع إشارات المرور سواء للمركبات أو المشاة.. إلخ كل ذلك يعد أسبابا بشرية ومباشرة للحوادث.
أبرز أساليب المواجهة لتلك الظاهرة التى تدمى القلوب وتعصر الأكباد على المدى القصير ترتبط بزيادة الرقابة على الطرق، لمواجهة كافة الخروقات السابقة. هنا من المهم أن يكون لوزارة الداخلية الدور الرئيس فى التفكير الدائم لمواجهة المخالفين، خاصة وأن كثرة الرقابة الإلكترونية على الطرق، والتى زادت بالفعل فى الآونة الأخيرة يبدو أنها لم تعد كافية، الأمر الذى يستدعى التعديل المستمر لقانون المرور لمواجهة المستجدات الكفيلة بالحد من حوادث الطرق.
على المدى الطويل والمتوسط تبقى وسائل التنشئة الاجتماعية كمناهج التعليم والإعلام وغيرها من وسائل، هى الكفيلة باحترام المواطن للقانون، ومن ثم الحد من حوادث الطرق.