تقييم المدربين واللاعبين بالعواطف!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 30 سبتمبر 2024 - 6:25 م بتوقيت القاهرة

 ** جماهير كرة القدم سريعة الاشتعال والتحول والفرح والغضب، ومن لا يصدق ذلك عليه أن يصدق، وهذا بالدليل القاطع، فقبل مباراة السوبر الإفريقى بين الزمالك والأهلى كان ناصر منسى ضمن المرشحين للخروج حسب جماهير الفريق، ثم أصبح بطل الفريق بعد هدفه الذى أعاد به الزمالك إلى المباراة. وحتى جوميز كان محل نقد من جانب جماهير الفريق وبالمثل الإدارة. ثم تحول كل شىء، وأثبت جوميز جدارته أمام كولر وبعد الفوز بكأس السوبر.. وكولر نفسه أصبح محل نقد وهو البطل الإسطورى الذى بدأ يساوى هيدكوتى والجوهرى وجوزيه.. وكل هذا مقبول من المشجع المحب لفريقه، وهناك ما يسمى بالفعل بغضب المحب، وهو يكون غضبًا قاسيًا بقدر ما يكون الإعجاب عاليًا وصارخًا.. لكن هل يجوز هذا الأمر مع الناقد ومع المحلل ومع الإعلامى؟

** القضية هنا كيف يكون تقييم المدربين واللاعبين وحتى الإدارات.. ونقطة البداية عند الناقد والمحلل والإعلامى هى إدراكه العميق بأنه لا يوجد فريق يفوز بكل البطولات ولا ريال مدريد ولا مانشستر سيتى. وأن تقييم مدرب ما بالنقد أو لاعب بالنقد يرجع إلى أدائه فى مباراة وليس تقييمًا مطلقًا ويجب ألا يكون مطلقًا، ولا يعقل أن ترى المدرب الناجح فاشلًا من أجل مباراة، ولا الفائز ناجحًا وعبقريًا من أجل مباراة. والأمر يسير على تقييم اللاعبين أيضًا.

** التقييم يرتبط بالمسبة للمدربين بما يقدمه من أسلوب وتكتيك، وهل هناك جديد فى ذلك أم لا. ثم كيف يدير مبارياته مع خصومه على تنوعهم، ويدير مباريات فريقه وفقًا لدرجات صعوبتها وأهميتها وقوتها وقوة الخصوم. ويمكن أن يوجه نقدًا لمدرب لقرار ما، ومن ذلك أن جوميز مثلًا ذهب فى إجازة أثناء كأس مصر، دون تقدير لأهمية البطولة بالنسبة للفريق وللاعبيه وللنادى ولجماهيره. فقد كان الزمالك فى أشد الحاجة لتلك البطولة. وهذا النقد على تصرف ما لمدرب لايمثل تقييما للمدرب. وتبرير فوز الزمالك بكاس السوبر لأنه لم يهتم بكأس مصر هو ضحك على النفس وضحك على الناس وضحك على الجمهور، فماذا كان الأمر لو خسر الفريق كأس السوبر رغم الأداء الجيد الذى قدمه فى المباراة ؟

أرجو من طرح فكرة كأس السوبر بدلًا من كأس مصر وأهم.. أرجو من حضرته أن يجيب عن السؤال السابق!

** اللاعبون أيضًا يجب أن يجرى تقييمهم بإنصاف، فناصر منسى يحتاج إلى الفرص الكاملة، وكل لاعب يحتاج إلى تلك الفرص، ثم إن أى لاعب يكشف عن قدراته وإمكاناته كلما حصل على الفرصة. لكن إطلاق الأحكام على لاعب دون أن يلعب كثيرًا، فهو أمر صعب. علمًا بأن نجاح لاعب مع فريق ليس بالضرورة أن يتكرر مع فريق آخر، وهذا أيضًا يسير على المدرب. إنها مسألة معقدة. مسألة تقييم المدربين واللاعبين.

** فى السوبر لم يكن رباعى الأهلى الهجومى جيدًا. وهم وسام والشحات وتاو وعاشور. ويرجع عدم الإجادة إلى أمرين: الأول هو نتيجة الصراع الفردى مع منافسه، مثل الشحات مع عمر جابر، وتاو مع بنتايك، ووسام مع قلبى الدفاع حسام والمثلوثى، وعاشور مع ناصر ماهر أو دونجا أو عبدالله السعيد. والصراع الفردى يتضمن التحرك دون الكرة ومنح الزملاء اختيارات تمرير متعددة، والتصرف بالكرة، وتمرير الكرة، واستخلاص الكرة. لكن الأمر الثانى هو العمل الجماعى، فهل وصلت إلى رباعى المقدمة مساندات وتمريرات جيدة؟

** أداء رباعى الأهلى الهجومى فى مباراة واحدة يعود بالدرجة الأولى إلى مستوى وجدية أداء مراقبيهم ومحاصريهم فى الزمالك. لكن التقييم لا يسلب أبدًا من الشحات وعاشور ووسام وتاو نجاحاتهم السابقة ونجميتهم وأدوارهم مع الأهلى فى كثير من المباريات ومن البطولات.. وهنا على الجميع أن يدرك أن التقييم يتعلق بمباراة. علمًا بأن الجمهور نفسه الذى يهاجم لاعبه بعنف وينتقده، ويغضب منه وعليه لا يتحمل نقدًا مماثلًا يتعلق بمستوى اللاعب فى نفس المباراة من نقاد أو من محللين!

** ما زالت عمليات تقييم المدربين واللاعبين والإداريين تفتقد إلى العمق والدقة والموضوعية، من جانب بعض النقاد والمحللين، وإذا كان ذلك مقبولًا من الجمهور صاحب العاطفة والهوى والحب، فهو لا يجوز أبدًا من جانب هؤلاء الذين يخاطبون الرأى العام بما يجب أن يكون الخطاب، بالدقة والموضوعية والعمق.. دون السير خلف هوى الجمهور سواء فرحًا أو غضبًا!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved