** مبروك كبيرة وسعيدة.. للإنجاز الكبير الذى حققه فريق الزمالك بفوزه ببطولة إفريقيا لأبطال كرة اليد للمرة العاشرة فى تاريخ اللعبة بالقارة، وتحديدا منذ عام 1979. تغلب على الترجى التونسى فى مباراة نهائية صعبة وعصيبة، ظلت نتيجتها معلقة حتى الصفارة الأخيرة. وقد احتار أنصار الزمالك بين مباراتين. واحدة فى كرة القدم بالدورى. والثانية فى كرة اليد. فالتوقيت واحد. لكن فرحة الفوز باللقب الإفريقى كانت أعلى على الرغم من أن شعبية كرة القدم أكبر. وهى أعلى لأنها بطولة قارية، وأمام فريق من دولة برعت فى كرة اليد وتعد منافسة لمصر على مستوى المنتخبات، حيث تحتل تونس المرتبة الأولى فى رصيد ألقاب كأس الأمم (9) مقابل (7) للجزائر و(6) لمصر. بينما تتفوق الأندية المصرية فى بطولة الدورى برصيد 16 لقبا، مقابل 13 للجزائر، و3 لتونس.. فيما ما زالت إفريقيا السمراء تحبو فى أرض اللعبة..
** تلك التهنئة هى مدخلى لحوار دار مع أصدقاء حول قضية تشجيع أنصار فريق لفريق من دولة أخرى نكاية فى فريق محلى منافس.. وتباينت الآراء. لكن هناك، من باب الأمانة المهنية، شبه إجماع على أن مشجع ريال مدريد لا يمكن أبدًا أن يشجعه وهو يلعب أمام مانشستر يونايتد فى دورى أبطال أوروبا لمجرد أنه فريق من إسبانيا.. فلا علاقة بين الدولة وبين الفريق الذى يمثل نفسه ولا يمثل الدولة..
**كثيرون من أنصار الأهلى وجهوا التهنئة للزمالك. وكثيرون أيضا تمنوا هزيمته أمام الترجى. والبعض يرى هذا الأمر نوعًا من المزاح وليس مجرد شماتة وتشفى. وهو ظاهر فى كرة القدم بصورة أكبر. ولن أتوقف عند تواريخ وأحداث. وإنما كيف أرى الرياضة وكيف أرى المنافسة وكيف أرى المنافس؟
** بالطبع لا علاقة بتشجيع فريقك وعدم تشجيع فريق منافس بالوطنية، ولا يجب إقحام الوطنية فى كل شىء لأن المسألة منافسة محلية أصلا، وهذا لا يسير بالقطع على المنتخب إذ يؤازره الجمهور بمشاعر وطنية وانتماء.. لكن الرياضة ليست تعصبًا، ولا كراهية، ولا إيذاء، ولا يجب أن تكون. ونعم فيها منافسة وحساسيات ودربيات صنعتها أسباب مختلفة، قد تكون طبقية واجتماعية، كما فى حالة ريفربلابيت وبوكا جونيورز. أو سياسية كما فى حالة ريال مدريد وبرشلونة، أو اقتصادية كما فى حالة ليفربول ومانشستر يونايتد؛ حيث قامت مدينة مانشستر ببناء ميناء بديل لميناء ليفربول منذ 122 عاما وهو ما صنع الخصومة. لكن المدهش أن أسباب دربى الأهلى والزمالك تكمن فى قوة الفريقين، وفى الندية، والتكافؤ بينهما فى الأربعين سنة الأولى من عمرهما..
** إذا كانت الشماتة ستؤدى إلى مزيد من الاحتقان.. فلماذا نقر بهذا الواقع ونقبله دون أن نسعى إلى تغييره؟ ليست تلك مثالية. وإذا كانت، فالنشاط الرياضى قمة فى المثالية، وهو ما عشته وما عيشته فى بطولات كبرى ودورات أولمبية.. ولو كانت تلك المثالية غائبة عن كرة القدم الأوروبية والعالمية، فإن مجرد متابعة المشهد كاملا سوف تكشف كم هم فى غاية المثالية والروح الرياضية كقاعدة بعيدًا عن الحالات الشاذة، إذ يتصارعون ويتنافسون ويتقاتلون داخل الميدان ثم يتصافحون.. بينما فى عالمنا نتصارع ونتنافس ونتقاتل ونفعل ذلك قبل اللعب وبعد اللعب، ونواصل ذلك كله فى الشارع والمكتب والحى ومواقع التواصل الاجتماعى.. وننظر خلفنا لنرى كيف كان جمهور الأهلى والزمالك يختلط باستاد القاهرة.. يا له من زمن كان، ومن مثالية كانت..!