تداعيات إعادة تعريف اليسار للسياسة الخارجية الأمريكية على إسرائيل

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 - 12:15 ص بتوقيت القاهرة

نشر موقع forward مقالا للكاتب David Klion يتناول فيه ضرورة إعادة هيكلة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العديد من الثوابت ومنها على سبيل المثال الدعم غير المشروط لإسرائيل، وتداعيات ذلك على دولة الاحتلال الإسرائيلى.
هناك مجموعة صغيرة من الناخبين الذين يدعمون الأحزاب الديمقراطية اليسارية، ويشجعون المرشحين السياسيين الأساسيين على تبنى سياسات كانت تعتبر راديكالية فى السابق، ومنها على سبيل المثال ضمان الرعاية الصحية للجميع وتحديد الحد الأدنى للأجور بما يقرب من 15 دولارا. لكن الحديث حول ما يجب أن تكون عليه السياسة الخارجية لليسار هو مجرد البداية.
لقد ألقى بيرنى ساندرز خطابا فى وقت سابق من هذا الشهر يحدد رؤيته لسياسة خارجية أمريكية تعارض الأوليجاركية والسلطوية فى جميع أنحاء العالم. كما ظهرت العديد من المقترحات والرؤى لسياسة خارجية مختلفة فى مقالات حديثة نشرتها صحف مثل ذى أتلانتك والواشنطن بوست ونيويورك تايمز...إلخ.
يضيف الكاتب أنه فى حين أن السياسة الخارجية لليسار هى موضوع متشعب للغاية ويشمل وجهات نظر متنوعة ومتناقضة فى بعض الأحيان، إلا أن مؤيديها أى ــ السياسة الخارجية لليسار ــ يشتركون فى غضبهم من التوافق العام على أحد مبادئ السياسة الخارجية الأمريكية. والذى يتمثل فى الالتزام بالحق الاستثنائى لأمريكا بالتدخل فى أى مكان فى العالم دفاعا عن كل ما تراه أنه يمثل مصلحة وطنية. ولطالما كانت النزعة الاستثنائية الأمريكية فكرة مشكوكا فيها أخلاقيا، وخاصة فى عصر ترامب أصبح لا يمكن الدفاع عنها حيث إنه لا يمكن لأحد أن يدعى أن أمريكا فى عام 2018 هى النموذج المثالى. ومن ثم فإن السياسة الخارجية لليسار هى محاولة للخروج من الافتراضات الكارثية التى حافظت عليها الإدارات الأمريكية المتعاقبة الأخيرة حول دور أمريكا الدولى.. وكان هناك بعض الافتراضات الأكثر كارثية من الإجماع بين الحزبين على الدعم غير المشروط لإسرائيل، بغض النظر عن الانتهاكاتها الصارخة لحقوق الإنسان.
فالحزب الجمهورى متمثلا فى إدارة جورج بوش اشتمل على جناح واقعى كان ينتقد أحيانا إسرائيل بشكل صريح، ثم أصبح مندمجا تماما مع اليمين الإسرائيلى فى السنوات التى تلت الحادى عشر من سبتمبر، حيث ابتعد كلاهما عن أى شىء له علاقة بالقيم الديمقراطية الليبرالية. أما بالنسبة للديمقراطيين، فى حين أن العديد منهم مستاءون شخصيا من معاملة بنيامين نتنياهو لباراك أوباما بازدراء والمعاملة الجيدة لترامب، إلا أنهم فى أفضل الأحوال ملتزمون بالموقف «المؤيد لإسرائيل، المؤيد للسلام» ولكن من المهم أن نقول إنه حتى الموقف الديمقراطى الليبرالى على أرض الواقع بعيد كل البعد عن القيم الليبرالية.
***
يستطرد الكاتب قائلا إن حكومة نتنياهو قد تخلت عن أى ادعاء متبقٍ بأن إسرائيل مهتمة بالسلام العادل مع الفلسطينيين وشجعها ترامب على ذلك. وحتى قبل ترامب، كان الائتلاف اليمينى المتطرف الذى أبقى نتنياهو فى السلطة منذ عام 2009 قد دمر بشكل مطرد سمعة إسرائيل كدولة تقدمية علمانية، والتى ــ رغم أن ذلك مشكوك فيه دائما، كانت ضرورية للحفاظ على تعاطف اليهود الليبراليين فى الشتات. ومن ثم فإن إعادة تقييم الأسس والمنطلقات الأساسية للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية أمر طال انتظاره.. ومن ثم فإن إذا كانت هناك قضية سياسية واحدة توحد على نحو واسع اليسار الناشئ فهى إسرائيل.
على سبيل المثال، فى المؤتمر الوطنى للحزب الديمقراطى الاشتراكى الأمريكى والذى عقد فى شيكاغو فى العام الماضى تم دعم حركة (BDS) ــ حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ــ وهذا نادرا ما يحدث.
لم يكن أبرز السياسيين الاشتراكيين فى البلاد، ومنهم بيرنى ساندرز يؤيدون بشكل علنى حركة BDS، لكن أعربوا عن مشاعرهم ولفت ساندرز الانتباه بشكل خاص إلى حقوق الإنسان للفلسطينيين خلال مناظرة عام 2016 مع هيلارى كلينتون.
رشيدة طليب الفلسطينية، والتى ستنتخب للكونجرس الشهر المقبل ذهبت إلى أبعد من ذل، حيث أيدت حل الدولة الواحدة وأعربت عن دعمها لنشطاء حركة BDS. وقد أشارت إلهان الأمريكية من أصل صومالى، والتى من المرجح أن تفوز بمقعد فى الكونجرس، إلى إسرائيل باعتبارها «نظام فصل عنصرى».
لكن حتى الآن، هؤلاء السياسيون هم الاستثناءات على المسرح الوطنى. ولكن استطلاعات الرأى تظهر أن الجيل الأصغر من اليهود الأمريكيين يشككون أكثر فأكثر فى إسرائيل، وحتى مع تزايد الانتقادات الموجهة لإسرائيل بشكل مطرد فى وسائل الإعلام الأمريكية على مدى السنوات العديدة الماضية، إلا أنه فى واشنطن هناك إجماع من الحزبين فى مجلس الشيوخ لصالح إقامة علاقة خاصة مع الدولة اليهودية. فى حين يؤكد البعض أن هذا الإجماع متجذر فى القيم المشتركة أو المصالح الاستراتيجية الحاسمة إلا أن العديد من اليساريين يشيروا إلى التأثير القوى للوبى المؤيد لإسرائيل، وعدم وجود أى رد فعل معاكس، والنفوذ الهائل لليهود واليمينيين.
***
ومن المهم أن يكون جميع اليساريين قادرين على التوحد حول نقطتين أساسيتين وهما أنه لا يحق لإسرائيل الحصول على مساعدات عسكرية أمريكية سنوية بأكثر من 3 مليارات دولار، كما أنه لا يحق لها الحصول على الحماية التى يوفرها الفيتو الأمريكى لقرارات مجلس الأمن التى تدين السياسات الإسرائيلية.
فطالما تنتهك إسرائيل القانون الدولى والموقف الرسمى لوزارة الخارجية الأمريكية يجب ألا تعامل كحليف ولكن كدولة مارقة تنتهك حقوق الإنسان الأساسية بشكل مستمر. ويمكن استخدام سلاح المساعدات كوسيلة ضغط واضحة، كما اقترحت طليب أو التهديد بقطع المساعدات.
لابد أن نرسل رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تمكن بعد الآن مشروع إسرائيل الاستعمارى فى الضفة الغربية أو الحصار الذى يخنق اقتصاد غزة.
لقد أغرقت الولايات المتحدة إسرائيل بالمساعدات منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، وقد استخدمت هذه الأموال لدعم الاحتلال الإسرائيلى وقمع أى أمل فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة. والانسحاب من تقديم المساعدات لإسرائيل يجب أن يكون مصحوبا بقطع المساعدات أيضا عن الدول العربية المجاورة.
ومن الجدير بالذكر أن قطع المعونة لا يعنى نفض أيدينا من الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، حيث يجب على حكومة الولايات المتحدة ذات الميول اليسارية دعم وتمكين حركات المجتمع المدنى عبر الحدود للعمل من أجل السلام وحقوق الإنسان. وعلى وجه الخصوص، ينبغى أن تلتزم بمساعدة الفلسطينيين فى كل من غزة والضفة الغربية فى إعادة بناء البنية التحتية الأساسية التى دمرتها عقود من الاحتلال والعنف.
وبطبيعة الحال، لن يؤدى مجرد اقتراح كل هذا إلى حدوث ذلك بين عشية وضحاها. حيث إنه فى جميع الأحوال، سوف يواجه أى سياسى يفعل ذلك معارضة شرسة.
إن التظاهر بأن عملية السلام هى مصدر قلق سمح لجيل من صانعى السياسة بتجنب مواجهة الانجراف غير الليبرالى الإسرائيلى. لسنوات، حذر سياسيون من جيمى كارتر إلى إيهود أولمرت من أن إسرائيل تتحول لتصبح دولة عنصرية. ولسنوات، تجاهل الديمقراطيون التناقض الأساسى بين القيم الإنسانية التقدمية التى يتبنونها والتزامهم الثابت تجاه الدولة اليهودية.
ختاما يمكننا القول إنه فى حالة إسرائيل، فإن المشكلة هى الاحتلال، والحل هو التوقف عن دعمها.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved