إحباط فلسطينى غير مسبوق
صحافة عربية
آخر تحديث:
السبت 30 نوفمبر 2019 - 10:50 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حافظ البرغوثى.. جاء فيه ما يلى:
انتهت عشر جولات مكوكية لرئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية الدكتور حنا ناصر بالإعلان خطيا من حركة حماس موافقتها على الانتخابات، وكانت الحركة قبل صباح الثلاثاء الماضى أجلت تسليم ردها؛ إذ اشترطت إعادة رواتب بعض الأسرى كانت السلطة الفلسطينية أوقفت رواتبهم منذ فترة، وأزالت خيام اعتصامهم فى صباح ذلك اليوم الذى كان مقررا أن يكون يوم إضراب جزئى وغضب على قرار الإدارة الأمريكية اعتبار المستوطنات شرعية. وتزامن ذلك مع استشهاد الأسير أبو دياك ليل الثلاثاء فى سجون الاحتلال؛ حيث توفى بمرض السرطان وتركه الاحتلال على مدى سنوات دون علاج. ووقف الأسير المحرر فخرى البرغوثى الذى أمضى 34 سنة فى سجون الاحتلال وحيدا يخطب على دوار المنارة فى وسط رام الله بعد استشهاد أبودياك مستغربا عدم وجود جمهور فى يوم الغضب المعلن ولا تضامن مع الأسير الشهيد، موجها نقدا لاذعا بلهجته العامية إلى كل الفصائل الفلسطينية بما فيها السلطة رغم كونه عضو مجلس ثورى لحركة فتح، متهما الجميع بخذلان الأسرى.
الإحباط شامل فى الأراضى الفلسطينية، فقبل فترة أرادت حكومة رامى حمد الله السابقة تطبيق قانون الضمان الاجتماعى الذى اعتبره البعض غير منصف، فخرج عشرات الآلاف فى مسيرة على دوار المنارة، بينما دعت كل الفصائل إلى الاعتصام فى قرية الخان الأحمر التى كان الاحتلال ينوى هدمها فلم يتجمع سوى العشرات من الأشخاص. الشعور بالإحباط واليأس يبدو جليا فى نفوس الفلسطينيين. فالمقاومة الشعبية السلمية التى تدعو إليها السلطة فى الضفة لم تنجح إلا نسبيا فى القدس، حيث كانت التحركات شعبية غير خاضعة للفصائل ونجحت ولو مؤقتا فى لجم مخططات الاحتلال تجاه المسجد الأقصى المبارك. فالفشل بات ظاهرا فى سياسة المقاومة الشعبية السلمية؛ لأنها غير مبرمجة وتنقصها التعبئة الشعبية الشاملة. أما شعار المقاومة فى غزة فسقط عمليا عندما تبين أن سقفه الأعلى هو حقائب دولارات ينقلها مبعوث قطرى شهريا بموافقة الاحتلال، بينما تركت «حماس» حليفتها «حركة الجهاد» عرضة للقصف الجوى دون أن تتدخل.
ورغم ما قيل عن أن العلاقات بين الحركتين فى أبهى صورها إلا أن حركة حماس تخشى من العودة إلى المسيرات الأسبوعية التى سقط خلالها قرابة 400 شهيد خشية خروجها عن السيطرة وانقلابها ضدها. إن «حماس» على يقين بأن الانتخابات التى دعا إليها الرئيس الفلسطينى لن تتم رغم موافقتها العلنية والخطية ولا تعدم المبررات لذلك، حيث ما زال الشيطان فى تفاصيل الاتفاق التى من المقرر أن تبحث لاحقا. حتى ولو تم التوافق عليها فلن يوافق الاحتلال على إجرائها فى القدس المحتلة؛ حيث تقول كل من فتح وحماس إنه لا انتخابات بدون القدس.
السلطة أيضا لا تعيش حالة طبيعية، فمن ناحية ارتضت أن تتراجع عن قرارها بوقف تسلم أموال المقاصة من الاحتلال بعد خصومات «إسرائيلية» لرواتب عائلات الأسرى والشهداء والذى استمر عدة أشهر ولم تجد مصدرا ماليا عربيا يغطى رواتب موظفيها الذين صبروا أكثر من نصف سنة على جزء من الراتب، والبنوك لم تعد قادرة على إقراضها فاضطرت إلى تسلم مستحقاتها منقوصة، ولم تفلح جهودها فى إيجاد آلية لتدقيق الفواتير التى يخصمها الاحتلال دون رقيب. وحاليا بدأت شركة الكهرباء «الإسرائيلية» فى قطع الكهرباء عن الضفة وستزيد ساعات القطع فى بداية السنة الجديدة بحجة تراكم الديون على شركة كهرباء القدس الفلسطينية التى تزود مساحة واسعة من الضفة بالكهرباء التى تشترى تيارها من الشركة، ولم يتم منذ اتفاق أوسلو بناء محطة توليد كهرباء بعد منع الاحتلال فى السبعينيات لشركة كهرباء القدس من تركيب مولدات جديدة.
الأوضاع الاقتصادية إضافة إلى تعثر العمل الفصائلى والاختراقات الدبلوماسية «الإسرائيلية» والترابط العضوى بين إدارة الرئيس ترامب والسياسة الاستيطانية «الإسرائيلية» كلها عوامل مثبطة نفسيا للفلسطينيين، بحيث إن رافعى شعار المقاومة المسلحة ثبت فشلهم جذريا ورافعى شعار المقاومة السلمية فشلوا فشلا ذريعا. لكن السبب الأكبر لهذا الفشل عدم وجود هدف أسمى يلتف حوله الجميع.
الخليج ــ الإمارات