فى انتظار زلازل سياسية
محمد عصمت
آخر تحديث:
الإثنين 30 نوفمبر 2020 - 9:40 م
بتوقيت القاهرة
هزات سياسية عنيفة من المرتقب أن تشهدها المنطقة خلال الفترات المقبلة، لن نستطيع أن نواجهها فى مصر بـ«طرق تقليدية»، سواء بالتعاون مع الدول العربية الخليجية، أو بالتنسيق مع الدول الغربية الكبرى، كما كنا نفعل خلال السنوات الخمسين الماضية!
الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن سوف يستلم السلطة فى 20 يناير المقبل، وقد سبقته تصريحاته النارية المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان وغياب الحريات السياسية فى المنطقة، فى انقلاب كامل على كل السياسات والمحاور التى تبنتها بلاده فى عهد ترامب، مع تهديده بفرض عقوبات على العديد من أنظمة الحكم بها، وهو الأمر الذى دفع بالسعودية وهى أكبر دولة خليجية بالبحث عن محاور جديدة تنقذها من أزماتها القادمة مع أمريكا بارسال إشارات، وخاصة من ولى العهد محمد بن سلمان الذى تردد انه التقى نتنياهو سرا منذ أسبوعين، باستعدادها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، فى نفس الوقت الذى بدأت فيه عواصم خليجية أخرى بابرام اتفاقيات مع إسرائيل لنقل البترول عبر موانيها إلى أوروبا، والاستغناء عن قناة السويس، وهو ما قد يعنى تصدع المحور المصرى الخليجى الذى كان يقود المنطقة خلال السنوات الماضية.
إيران التى اغتالت إسرائيل منذ يومين رئيس برنامجها النووى محسن فخرى زاده، سوف تستعيد بعض نفوذها السياسى القديم الذى فقدته مع ترامب، خاصة مع إعلان بايدن عزمه على إعادة الاتفاق النووى معها ورفع العقوبات الأمريكية وهو ما سوف يسمح لها بتجاوز أزماتها الاقتصادية وبيع بترولها فى الأسواق العالمية، فى نفس الوقت الذى تؤكد فيه تقارير غربية أنها سوف ترد على إسرائيل سواء بعمليات داخل أراضيها أو باستهداف دبلوماسييها فى الخليج، بل أن بعض هذه التقارير توقع نشوب مواجهة عسكرية بينهما، وهو وضع إن حدث سوف يضع المنطقة كلها فوق فوهة بركان سواء فى لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، ولن نستطيع فى مصر أن نتجنبه أو نتجاهل تداعياته.
أما إثيوبيا فقد أعلنت بأنها سوف تبدأ الملء الثانى لسد النهضة خلال الشهور المقبلة سواء توصلت إلى اتفاق مع مصر أو لا، وهو ما يعنى إعلان حرب على مصر التى ستصبح تحت رحمة إثيوبيا، خاصة أن هذا الملء يؤكد عبثية المفاوضات معها، فى نفس الوقت سيتضاءل أى خيار عسكرى لاستهداف السد كما كان يقول ترامب، وهو أمر من المستبعد تماما أن يوافق بايدن عليه.
كل هذه الأخطار التى تحوم حولنا تأتى ونحن نعانى أزمات معيشية طاحنة، وديوننا الخارجية تتضاعف، وأوضاعنا السياسية والديمقراطية ليست فى أحسن حالاتها.
نحن على أعتاب مرحلة جديدة فى تاريخ المنطقة ستفرض علينا تحديات صعبة، لا ندرى حتى الآن كيف سنواجهها؟ أو كيف سنشتبك معها؟ أو كيف نتكيف مع آثارها؟
ربما يكون الوقت قد حان لمراجعة كل ثوابتنا السياسية التى نتبناها منذ عدة سنوات، فهى إن كانت قد حققت شكلا ما من أشكال الاستقرار بعد انحسار ثورات الربيع العربى، لكنها بالتأكيد لن تكون لها فعالية مع انحسار موجة ترامب!