البرلمان والطبخة المسمومة
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 31 يناير 2012 - 9:00 ص
بتوقيت القاهرة
فى ظروف غامضة، اختفت الاتهامات التى وجهها المجلس العسكرى لـ«الطرف الثالث» بإثارة الاشتباكات بين الجيش والثوار، كما توارت فى الظل اتهامات المجلس لبعض النشطاء بتلقى أموال مشبوهة من الخارج لتنفيذ أجندات أجنبية، وتزامن هذا الاختفاء مع انشغالنا بصراع الميدان والبرلمان وأيهما له الشرعية الأكبر، ثم بكيفية «الاحتفال» بذكرى ثورة يناير، وإعادة النظر فى ترتيبات المرحلة الانتقالية.
وبنفس المنطق، تجاهل المجلس العسكرى والبرلمان الجديد القنبلة التى فجرها العقيد عمر عفيفى، ضابط الشرطة الهارب لأمريكا، عندما قال فى لقاء تليفزيونى مؤخرا، إنه حذر الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة، تليفونيا من حرق المجمع العلمى قبل يومين كاملين من اضرام النار فيه، وأنه طلب منه إنزال شباب الإخوان لحماية مبانى الدولة،ولكن مرسى رفض مؤكدا له أن الإخوان لا يستطيعون توفير هذه الحماية لأنها مسئولية المجلس العسكرى والشرطة، وأنه يخشى من حدوث مصادمات معهما. ومع ذلك لم تتحرك أى جهة رسمية للتحقيق فيما قاله عفيفى، مع أن هذا التحقيق سوف يكشف بالتأكيد لغز «الطرف الثالث» الذى يحمله المجلس العسكرى مسئولية الوقيعة بين الجيش والمتظاهرين، ومقتل عشرات الثوار فى مواجهات ماسبيرو ومجلس الوزراء وحرق مؤسسات الدولة.
وبنفس المنطق أيضا، ذهبت أدراج الرياح البيانات التى أصدرها المجلس العسكرى حول رصده «رسائل شفرية» بين قوى فى الداخل وقوى فى الخارج لإثارة مواجهات دامية بين الجيش والمتظاهرين، دون أن يهتم المجلس بأن يوضح لنا نتائج رصده لهذه الرسائل؟ ولماذا لم يواصل متابعة التحقيق فيها رغم خطورتها؟!
ما يثير الريبة والغضب، هو تغاضى المجلس العسكرى عن إحالة بعض الناشطين المحسوبين على حركات الشباب الثورية، والذين اتهمهم بتلقى أموال ضخمة من الخارج، للجهات القضائية للتحقيق معهم، فى نفس الوقت الذى يرفض فيه الإخوان المسلمون، على عكس كل القوى الثورية الأخرى، التحقيق مع قيادات الجيش التى تورطت فى فتح النار على الثوار خاصة فى أحداث ماسبيرو وشارع محمد محمود!
وقد يكون من الواجب على برلمان الثورة ان يفتح هذه الملفات الشائكة حتى لا يتهم بأنه يساهم فى هذه الطبخة المسمومة التى يتورط فى إعدادها أطراف عديدة، وتستهدف إبرام صفقات مشبوهة لتقاسم السلطة، فالبرلمان بصلاحياته الكاملة عليه أن يشكل لجنة لتقصى الحقائق حول الاتهامات الموجهة لبعض النشطاء فى حركة 8 أبريل وغيرها من ائتلافات الثورة، وحول الاتهامات الموجهة أيضا للمسئولين عن مقتل واصابة مئات الشباب برصاص الجيش والشرطة.. وبدون ذلك فلا هو برلمان حقيقى، ولا هى ثورة بجد!