من الأكثر عنصرية.. نحن أم أوروبا؟
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 31 مايو 2014 - 6:40 ص
بتوقيت القاهرة
تسللت مسحة من الخوف المضبوط إلى التقارير الإسرائيلية التى تحدثت عن فوز اليمين المتطرف فى انتخابات الاتحاد الأوروبى. وسبب هذا الخوف أن حركات اليمين المتطرف، وتلك التى ليست متطرفة جدا، تتبنى وجهات نظر معادية للسامية. أما سبب ضبط النفس فيعود إلى أن هذه الحركات تحديدا، هى التى تقود حملة الكراهية ضد المسلمين.
وهنا تجد إسرائيل نفسها أمام معضلة واضحة، فهل يتعين عليها إدانة فوز اليمين المتطرف وإعلان أوروبا قارة مصابة بالعداء للسامية؟ أم عليها الاستمرار فى استضافة ممثلى أحزاب عنصرية عبر قسم منها عن موقف معاد لمقاطعة إسرائيل، وله علاقات صداقة قوية مع زعماء المستوطنين؟
إن المخرج الإسرائيلى من هذه الورطة ليس معقدا، إذ تستطيع إسرائيل إدانة العداء للسامية وفى الوقت نفسه تبنى العنصرية. صحيح أنها تنظر بقلق حقيقى إلى حليقى الرءوس الذين تظهر على أجسادهم وشوم الصليب المعكوف، لكنها تتبنى وجهة نظرهم ومواقفهم حيال الأجانب. وبهذه الطريقة تستطيع الاستفادة من الأمرين.
بصورة عامة، فإن العداء الأوروبى للسامية عداء «مفيد»، لأنه كلما ازدهر دفع بالمزيد من اليهود نحو الدولة الملاذ، الدولة اليهودية. كما أنه من المنتظر أن يكون استيعاب يهود أوروبا عملية سهلة، فهم سيواصلون التمتع بالجو العنصرى الذى يسود أجزاء من أوروبا، كما يستطيعون أن يعبروا بوضوح وحرية عن مواقفهم المعادية للعرب والمسلمين من دون أن يعتبروا عنصريين، وفى إمكانهم الامتثال لقوانين عنصرية يهودية وحتى تبنى برامج الأحزاب العنصرية الأوروبية التى تطالب بوقف هجرة العرب والمسلمين والعمال الأجانب بصورة عامة. وبهذه الطريقة قد يجدون أن إسرائيل تستطيع بسهولة أن تصبح عضوا فى البرلمان الأوروبى، الذى لا تزال ملامحه الجديدة بعيدة عن أن تكون فى مستوى العنصرية فى إسرائيل.
قبل عشرة أعوام نُشر بحث أجراه باحثون فى جامعة حيفا درس مواقف الشباب اليهود والعرب من تلامذة الصف العاشر حيال بعضهم بعضا، وجاءت النتائج مثيرة للقلق، فنحو 53% من التلامذة اليهود قالوا إنهم غير مستعدين للالتقاء بعرب، ونحو 74% قالوا إنهم غير مستعدين لاستضافة عرب فى منازلهم، و65% ليسوا مستعدين للسكن فى أحيائهم. صحيح أن هذا النفور برز أيضا لدى التلامذة العرب، لكن الفجوات بين المجموعتين كانت نحو 20٪.
وفى استطلاع آخر أجراه صندوق أبراهام فى وقت لاحق، قال 50% من اليهود الذين شملهم الاستطلاع إن سماع حديث باللغة العربية يثير فيهم الكراهية.
إن التلامذة اليهود الذين شاركوا فى هذين الاستطلاعين هم اليوم فى العشرين أو الرابعة والعشرين من أعمارهم، وقد أصبحوا بالغين ويملكون حق الاقتراع، وعلى الأرجح فإن جزءا منهم رُزق أولادا. فهل تغير رأيهم؟ وهل هم وأولادهم سينجحون أو يرغبون، فى التخلص من هذه المواقف المتجذرة؟
من الصعب حدوث ذلك، فتلامذة الصف العاشر حصلوا على كراهيتهم من مكان ما وجعلوها جزءا من هويتهم. ويمكننا افتراض أنه إذا أجرت رابطة محاربة التشهير استطلاعا عن العنصرية فى إسرائيل، (باليهود) ستجد نتائج الاستطلاع الذى أجرته عن العداء للسامية عالميا، باهتة مقارنة بنتائج العنصرية فى إسرائيل. ففى إسرائيل مقارنة مع أوروبا لا مجال للتساؤل ما إذا كانت العنصرية سياسية أواقتصادية أودينية أو أيديولوجية، لأنها هذا كله.
إن الثرثرة والتحذيرات من توجه أوروبا نحو اليمين المتطرف كان يمكن أخذها مأخذ الجد لو أظهرت إسرائيل إصرارا فعليا على اقتلاع المواقف العنصرية المتجذرة فيها، ولو أن قوانين التمييز العنصرى لا تطرح على الكنيست، ولو لم تكن اللغة العربية مهددة بخسارة مكانتها الرسمية، ولو أن أصحاب الشقق الذين يرفضون تأجير شققهم للعرب يعاقبهم القانون، ولو أن الذين يقومون بثقب إطارات السيارات وكتابة شعارت «الموت للعرب» يعاملون كإرهابيين، تماما مثل راشقى الحجارة من العرب.
إن أوروبا الخطرة، حتى بعد الانتخابات الأخيرة، بحاجة إلى بذل جهد كبير لبلوغ مستوى إسرائيل فى السباق العنصرى.