تعالوا نتعاهد
معتز بالله عبد الفتاح
آخر تحديث:
الأحد 31 يوليه 2011 - 8:29 ص
بتوقيت القاهرة
فى حياة الإنسان أيام تكون لها دلالة خاصة. ونحن مقبلون على شهر كريم اختصه الله بما لم يختص به غيره من شهور العام. تعالوا نتعاهد أن نستوفى فيه ما علينا من التزامات تجاه الخالق، وتجاه البشر، وتجاه النفس. أما تجاه الخالق، ففضلا عن الصيام: فلنصل بضمير.. نصلى بجد. نصلى وكأننا فى مناجاة مع من خلقنا، نحدثه ويحدثنا، نشكو إليه من أنفسنا، ونرجوه ألا يؤاخذنا، نقف أمامه على حقيقتنا: ضعافا، أذلاء، نتكبر على خلقه بالباطل، ونطلق العنان لأعيننا وألسنتنا دون ضوابط. نطلب منه العون والمدد، والحكمة والرشد، ونطلب منه أن يعيننا على ضعف أنفسنا.
أما تجاه المجتمع، ففضلا عن التهنئة التقليدية بالشهر الكريم، فلنجعلها مناسبة ليقول كل منا للآخر: سامحنى. سامحنى بجد. لا تؤاخذنى إن كنت قصرت. غلبتنى نفسى فى لحظة فقلت ما لم يكن ينبغى على أن أقوله. ولنبدأ صفحة جديدة. ولنجعل منطقنا: «وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم». فلنبدأ نحن بالعفو والصفح، عسى الله أن يجد فينا إحسانا مع أنفسنا، فيعاملنا هو كذلك بالإحسان. وأنا سأبدأ بنفسى، وأعتذر إلى جميع قراء «الشروق» وإلى كل أحد يعتقد أن له فى رقبتى واجبا أو حقا، سامحونى على تقصيرى إن قصرت، وعلى خطئى إن أخطأت، وأرجو أن تتسع مساحة عفوكم عنى كى تحتضنونى معكم فى قائمة من لا تظنون بهم شرا. فلكل جواد كبوة، ولكل إنسان توبة. وأسأل الله التوبة عن كل ذنب أذنبته، وأى كبوة وقعت فيها.
أما تجاه النفس، ففضلا عن الجهد المعتاد فى تأنيب النفس وانتقادها، فليكن لكل منا خطة عمل فى مجالات العمل الأربعة الرئيسية. دينيا، فلا تجعل هذا الشهر ينتهى دون ختم القرآن العظيم ولو مرة واحدة، ولا تجعله يمر دون أن تتأكد من أنك قد اقتربت من الله خطوة ولو واحدة، فمع الكريم سبحانه خطوة واحدة تعنى الكثير لأنه سيأتى لك بأسرع وأقرب مما تظن. علميا، التخصص التخصص يا أهل مصر. لن نتقدم إلا إذا كنا أقوياء فى تخصصاتنا.
ولن نهزم إلا إذا كنا ضعفاء فى تخصصاتنا. من لا يعرف كيف يستفيد من طاقته فى تخصصه، فليراجع نفسه أو يغير تخصصه. جهاد الوقت، هو جهاد العلم والعمل. مجتمعيا، فقراء ومحتاجو مصر فى رقابنا. فلنجعل جزءا من برنامجنا مساعدتهم بالمال أو بالوقت أو النصيحة أو بالعلم. سياسيا، لا تتركوا أحدا يتحدث باسمكم إلا برضاكم. فكروا واقرأوا وتناقشوا، ولا تتعجلوا فى القبول أو الرفض. واحرصوا على حقكم فى التصويت فى الانتخابات أى انتخابات: اتحادات طلبة، نقابات، أحزاب، جمعيات، نوادٍ. وناضلوا من أجل أن يتولى المنصبَ الأصلحُ بغض النظر عن السن أو الجنس أو الدين. هذا الوطن سينهض بأبنائه كل أبنائه وببناته كل بناته. ولا بد أن يكون المعيار الوحيد هو الكفاءة.
شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هو شهر رمضان الذى يذكرنا الله فيه بما فى القرآن من هداية وورع وحب للكون بدءا من خالقه سبحانه وانتهاء بكل مخلوقاته. وكما يقول إخواننا المسيحيون: الله محبة. فعلا، من أحب الله أحب خلقه ووجد فى نفسه الاستعداد لتقبلهم مهما ناله منهم. أحبكم فى الله ولله وبأمر الله. وكل رمضان وأنتم جميعا أقرب إلى الله وإلى حب مخلوقاته. كل رمضان ومصر أجمل وأروع وأقدر.