كيف وصلت إسرائيل لغرفة نوم هنية؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 31 يوليه 2024 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

كيف يمكن لإسرائيل أن تقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى غرفة نومه فى أحد المبانى شمال طهران بهذه السهولة؟! ‎المعنى الوحيد والرئيسى فى هذه العملية هو أن إسرائيل اخترقت إيران بصورة خطيرة، سواء عبر الاختراق السيبرانى والذكاء الاصطناعى أو عبر العملاء، بما قد يؤشر لملامح أى صراع كبير بين البلدين إذا قدر للأمور أن تنفلت من عقالها وتتحول إلى صراع إقليمى كبير بدلا من الصراع المنضبط إلى حد ما الدائر حاليا. ‎

فى الساعة الثانية من صباح أمس الأربعاء استشهد إسماعيل هنية بينما كان ينام فى غرفته بأحد المبانى التابعة لقدامى المحاربين شمال العاصمة طهران. هنية كان فى طهران بعد أن شارك فى اليوم نفسه فى حفل تنصيب الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان الذى خلف الرئيس إبراهيم رئيسى الذى كان قد لقى مصرعه قبل حوالى ثلاثة أشهر فى تحطم طائرته التى كانت تقله هو ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان فى طريق عودتهما من افتتاح مشروع سد مائى على الحدود الإيرانية الآذرية. ‎

نعود إلى ملابسات العملية الارهابية الإسرائيلية التى لم تعترف بها إسرائيل رسميا حتى عصر أمس الأربعاء. ‎نعلم جميعا وتعلم إيران أن إسرائيل أعلنت رسميا منذ عملية طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر الماضى أنها سوف تلاحق كل قادة حماس، فى كل مكان، وبالتالى فالمفترض أن تكون تحركات وتنقلات وإقامة هنية فى طهران مؤمنة بأقصى درجة ممكنة، وأن يكون محل الإقامة يخضع لحراسة وتأمين شاملين، وبالتالى وحينما تستطيع إسرائيل أن تصل إليه بمثل هذه السهولة والدقة وتغتاله هو وحارسه الخاص فقط فى مبنى كان ينام فى أحد أدواره أيضا زعيم حركة الجهاد الإسلامى زياد النخالة، فإن الأمر يدعو للتساؤل والدهشة وإلى الارتياب أحيانا. ‎

ما يزيد الحيرة والدهشة أنه قبل اغتيال هنية كانت إسرائيل قد تمكنت من استهداف مبنى فى ضاحية بيروت الجنوبية حيث المقر الرئيسى لحزب الله وحيث يقيم فؤاد شكر «أبو محسن» وهو بمثابة الرجل رقم ٢ بعد زعيم الحزب حسن نصر الله، وهو المستشار العسكرى للحزب.

إسرائيل حتى عصر أمس قالت إنها نجحت فى استهداف شكر باعتباره المسئول عن عملية مجدل شمس فى الجولان السورى المحتل وهى العملية التى نفى حزب الله مسئوليته عنها. الحزب أيضا كان قد نفى استشهاد عسكر فى بداية العملية لكنه عاد وقال إنه كان فى المبنى أثناء الاستهداف وبالتالى مهد الطريق لاعتباره شهيدا. ‎قبل عملية هنية وشكر كانت إسرائيل قد نجحت فى اغتيال صالح العارورى الرجل رقم ٢ فى المكتب السياسى وقائدها فى الضفة الغربية، والاستهداف تم أيضا فى الضاحية حيث مقر حزب الله، كما نجحت فى استهداف عشرات القادة الميدانيين للحزب بعمليات توعية دقيقة.

وكذلك الحال للعديد من قادة حماس فى قطاع غزة بل زعمت أنها وجهت ضربة قوية لمحمد الضيف ورائد سلامة قبل أسبوعين فى غزة. ‎ونتذكر أيضا أن إسرائيل دمرت مبنى القنصلية الإيرانية فى دمشق فى أول أبريل الماضى مما أدى إلى مقتل محمد رضا زاهدى قائد الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا ومعه بعض مساعديه المتواجدين فى سوريا. وقبلها قتلت بعض كبار العاملين فى البرنامج النووى الإيرانى. ‎

ونتذكر أيضا أن الولايات المتحدة قتلت قائد فيلق القدس قاسم سليمانى ومعه رئيس الحشد الشعبى العراقى أبو مهدى المهندس بعد خروجهما من مطار بغداد فى ٣ يناير ٢٠٢٠. ‎كل العمليات السابقة تعنى شيئا واحدا أن إسرائيل تمكنت من الوصول إلى الرءوس الكبيرة لأعدائها وخصومها سواء عبر الاختراق الالكترونى، وهو يعنى أن أجهزة أمنها قوية وهو أمر لا شك فيه لكن الأهم يعنى أنها نجحت للأسف فى اختراق الدائرة الضيقة لهؤلاء الخصوم سواء كانوا فى طهران أو دمشق أو بيروت أو غزة. ‎

هل نلوم إسرائيل على ذلك؟ نحن نرفض إرهابها وعدوانها منذ زرعها فى المنطقة عام ١٩٤٨، وهى بطبيعة الحال ترى أن ما تفعله فى صميم دفاعها عن نفسها ومصالحها. ‎لكن اللوم الأكبر ينبغى أن يوجه إلى قوى المقاومة الذين لم يتمكنوا من وقف الاختراق الإسرائيلى الذى وصل إلى القادة فى غرف نومهم. ‎حادث اغتيال هنية فى قلب طهران يدق جرس إنذار بهشاشة الأمن الإيرانى واللبنانى والسورى والحمساوى، ويكشف أن جواسيس إسرائيل فى كل مكان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved