حياة الظلام
محمود قاسم
آخر تحديث:
الجمعة 31 أغسطس 2018 - 9:05 م
بتوقيت القاهرة
هذا الفيلم عمره ثمانية وسبعون عاما، وهو من الأفلام التى كانت ضائعة، ولم نشاهدها على قنواتنا المحلية، وتم اقتناؤه وترميمه من قبل القنوات الخليجية، فرأيناه بهذا الوضوح، إنه فيلم اجتماعى شبابى يحكى عن قصص الشباب العاطفية التى يعيشونها فى جميع الأجيال، يتصرفون دوما بالنزق نفسه، والاندفاع، ويكون القول الفرنسى المأثور «فتش عن المرأة» هو المحرك الاساسى وراء الأحداث وما حدث للشاب أحمد علوى «محسن سرحان» يتكرر فى كل عصر، وهو الشاب الذى تخرج حديثا فى الكلية فيجد أمامه الوظيفة والنساء الفاتنات، وسرعان ما ينحرف، ويترك ابنة العم التى تربت معه فى المنزل، كى يعشق زهيرة «ميمى شكيب» التى تستبدل الرجال فى حياتها حسب حاجتها الجنسية وطموحاتها لكل منهم، وتمتص من شبابهم وهى تدخلهم معها حياة الظلام، وكما نرى فإن عشرات الأفلام المصرية حكت مثل هذه القصة ومنها «وبالوالدين احسانا»، و«غضب الوالدين» لكن المهم فى «حياة الظلام» الذى كتب له السيناريو وأخرجه أحمد بدرخان أن مؤلف القصة والحوار هو الأديب محمود كامل المحامى، الذى كان يتمتع بشهرة كبيرة فى تلك الفترة أقرب إلى مكانة أنيس منصور، أو احسان عبدالقدوس، فهو صاحب قلم رشيق، ومن الواضح أنه استفاد من مهنته كثيرا، وهو يكتب هذه القصة، وقد لانغالى لو قلنا إنها تجربته الشخصية، لكن لايمكن أن نؤكد ذلك، والغريب أن السينما المصرية لم تستفد منه، رغم أنه عاش طويلا، وتوقف لعدة عقود عن التأليف.
الملحوظة الأبرز التى علق بها المشاهدون على اليوتيوب أن كل العاملين فى الفيلم قد انتقلوا إلى الرفيق الأعلي، وقد حاول البعض إعطاء موعظة خاصة لمن يتعلم من درس الفيلم، ألا ينحرف، لكن من الواضح أن الحكاية تتجدد مع طلة شمس كل يوم، فانشباب الجدد تغريهم اجسادهم وشبابهم وينتقلون من تجربة إلى أخرى، وبالنظر إلى طاقم الفيلم فقد كان أغلبهم فى منتهى الألق فى تلك الفترة وهم يبدأون حياتهم المهنية، ومنهم بطل الفيلم محسن سرحان الذى كان شديد التصنع، وأقرب إلى الدمية، ولا أتصور أنه تطور طوال حياته رغم رحلته الطويلة، أما أمينة شكيب فإننى أراها أول نجمة اغراء فى السينما المصرية، فما أجملها، إلا أن روحية خالد أكثر جمالا وتألقا وهى الفنانة التى لم تأخذ حقها من الشهرة، وكانت البطلة الأولى أمام الريحانى فى «سلامة فى خير»، كما أنها شقيقة يوسف وهبى فى «غرام وانتقام»، إلا أن الفنان الذى يلتهم
أداءه كل العاملين معه هو منسى فهمى الذى جسد دور والد أحمد، إنه ممثل بلا صوت زاعق وهو واحد من أفضل الممثلين فى تاريخ السينما، قريب كثيرا من قوة أداء زكى رستم.
الفيلم من إنتاج استوديو مصر، وأبرز ما فى عناوينه أن الأقمشة الموجودة فى الأفلام من انتاج شركة مصر للغزل التى يمتلكها بنك مصر، يا له من موقف جميل لبنك تعامل مع الاقتصاد والفن بجدية شديدة.