قمة وسط ارتباك
سامح فوزي
آخر تحديث:
الثلاثاء 31 أغسطس 2021 - 8:55 م
بتوقيت القاهرة
حملت قمة بغداد دلالات كثيرة، أبرزها عودة العراق إلى المحيط العربى، وسيطا، وفاعلا لتسوية الخلافات، أو متبنيا دبلوماسية التخفيف من حدة النزاعات حسب تعبير بيان البيت الأبيض المهنئ بالقمة، وكأن القيادة العراقية تود أن ترسل رسالة إلى العالم بأن أرض العراق لم تعد مجالا لصراعات القوى الدولية والإقليمية، خاصة الولايات المتحدة وإيران، وتطاحن الميليشيات المذهبية، والحروب بالوكالة، وأكثر من هذا، أرادت القمة أن تؤكد أن الأمن العراقى لا ينفصل عن الأمن الإقليمى، بمعنى تسوية الخلافات بين دول الجوار، وغير دول الجوار، وهى رسالة يبعث بها العراق بهدف إعلان الاستقرار والرغبة فى جذب الاستثمارات. بدأت بغداد رعاية مفاوضات سعودية إيرانية منذ إبريل الماضى، لم تسفر عن نتائج ملموسة، لكنها مستمرة، كما وفرت مجالا للقاءات لتجاوز الخلافات بين الإمارات ومصر من ناحية وقطر من ناحية أخرى.
نشرت «جيروساليم بوست» ــ فى اليوم التالى للقمة ــ تقريرا يرصد دلالات قمة بغداد، ومنها أنها تمثل مزيدا من التهميش للقيادة الأمريكية للمنطقة، فقد تركت الولايات المتحدة أفغانستان، ويرى كثيرون أنها تترك منطقة الشرق الأوسط، وتخلت عن العديد من المساحات فى العراق تحت وطأة قصف الميليشيات المدعومة من إيران، ولم تعد واشنطن تعبأ بالتحالف الدولى ضد داعش. ما انتهت إليه الصحيفة الإسرائيلية لا يختلف عن العديد من التحليلات الصادرة من الولايات المتحدة ذاتها التى تنتقد مسلك إدارة بايدن تجاه ما يحدث فى تونس، وتعتبر أنها لم تقف موقفا صلدا لدعم التجربة الديمقراطية هناك، على حد تعبير أصحاب هذا الاتجاه، والذى يرون أنه فى الوقت الذى كان ينبغى على الولايات المتحدة التخلى عن أفغانستان، لم يكن هناك داعٍ أو تكلفة للتخلى عن تونس.
الأجندة الأمريكية شديد الارتباك فى الشرق الأوسط، فهى من ناحية اختزلت العديد من المشكلات فى مفاوضات الملف النووى الإيرانى فى فيينا، ولا تنشغل إيران كثيرا بمباحثات مع جيرانها فى انتظار ما تسفر عنه هذه المفاوضات. والملف السورى معلق، أو كما ذكر كانت سوريا الحاضر الغائب فى قمة بغداد، رغم أن هناك أطرافا أوروبية وعربية بدأت تمد مرة أخرى خطوط التواصل مع النظام السورى، والموقف فى لبنان متأزم للغاية، والسبب هو الخلافات على المستوى الإقليمى، وفى ليبيا هناك حديث عن تأجيل الانتخابات، وأن واشنطن ترى ذلك بصورة أو بأخرى، خلافا لرأى دول أخرى. أما الملف الفلسطينى الإسرائيلى فلم يحدث فيه تقدما، إلا رمزيا أو شكليا، ولم يشكل وقف إطلاق النار فى غزة وإسرائيل، والذى تحقق بوساطة مصرية، نقطة انطلاق لإحياء مفاوضات السلام، وقد زار رئيس وزراء إسرائيل واشنطن منذ أيام، وصرح بأنه حقق كل أهدافه من وراء الزيارة.
من هنا فإن قمة بغداد تمثل محاولة لبناء توافق إقليمى حول قضايا الأمن والاقتصاد فى منطقة يسودها الارتباك الشديد.