دولة الشيطان فى العراق والشام
سيد قاسم المصري
آخر تحديث:
الجمعة 31 أكتوبر 2014 - 8:10 ص
بتوقيت القاهرة
هناك آية فى القرآن الكريم نمر عليها سريعا بينما توقف عندها أحد كبار فلاسفة المسيحية وهى الآية الكريمة من سورة المائدة «الآية 47» «فليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه». ثم آية أخرى فى نفس السورة «الآية 43» حول اليهود والتى يقول الله فيها مخاطبا رسوله الكريم «وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله»، وقد علق الفيلسوف الكبير على ذلك بأن الدولة الإسلامية هى أول دولة فى تاريخ البشرية تقوم على أساس دينى ويسمح دستورها بنص قرآنى بأن تحتكم الأقليات التى تنتمى إلى أديان أخرى كل إلى كتابه بل إنه يبدى دهشة من أن يحاول اليهود أن يحكموا محمدا «صلى الله عليه وسلم» بينما لديهم التوراة فيها حكم الله، أى أن هذه الدولة الإسلامية لا تدع الأقليات الدينية تحتفظ بدياناتها فحسب بل تدعوهم إلى التمسك بدينهم والاحتكام إلى شرائعهم.. «فلكل جعلنا شرعة ومنهاجا».
•••
ذلك لأن الله فى الإسلام هو رب العالمين وليس رب المسلمين فقط، والمسلمون لا يقولون مثل ما قال بعض أتباع الديانات الأخرى فى الماضى «لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى»، بل قال القرآن الكريم «إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» «البقرة 62»... هذه هى الشروط الثلاثة فقط لكل أتباع الديانات الأخرى.. والأمة فى القرآن ليست هى أتباع محمد فقط بل أتباع جميع الرسل «لا نفرق بين أحد من رسله».
فالمسلم لكى يكون مؤمنا حقا يجب أن يؤمن بما أنزل على محمد وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون، لذلك عندما عاش المسلمون ومارسوا دينهم الحق منهاجا وسلوكا.. ازدهرت عصورهم الذهبية فى ظل الحكم الإسلامى، أما الآن وقد تداعت علينا الأمم ونحن كثرة فما ذلك إلا لأننا حدنا عن الطريق واتبعنا السبل.. فالمسلمون يزيد تعدادهم اليوم عن المليار ونصف المليار.. ثلثهم أى حوالى 500 مليون يعيشون كأقليات فى دول غير إسلامية فى سلام ووئام مع مواطنيهم الذين يخالفونهم فى الدين على قاعدة «لكم دينكم ولى دين» و«من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» و«ولا إكراه فى الدين».. ولم يتغير هذا الوضع إلا بعد أن نشأت التفسيرات المنحرفة التى تحيد عن النصوص الواضحة لأعلى مرجعياتنا وهو القرآن الكريم.
•••
أما عن كيفية إدارة الحوار والاختلاف فى وجهات النظر فى الإسلام.. فأريد أن أقول بادئ ذى بدء.. إن الإسلام لا يعرف أسلوب المقاطعة.. فالمقاطعة هى أسلوب جاهلى استخدمه عرب الجاهلية عندما قاطعوا الرسول والمسلمون وتعاهدوا على عدم التعامل معهم بيعا أو شراء أو مصاهرة أو أى نوع من أنواع التعاملات وقد استهجن الإسلام هذا النهج.
والإسلام يدعو إلى حل الخلافات بالنقاش والأدلة العقلية.. «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» ولا يضع قيودا على حدود النقاش.. أى ليس هناك تابوهات أو محذورات فالملائكة جادلت الله سبحانه وتعالى فى خلق آدم «أتخلق فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» «البقرة 30».
كما أن الرسول موسى عليه السلام جادل ربه وطلب منه إرسال هارون بدلا منه عندما أمره بأن يذهب إلى فرعون وقال «ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسل إلى هارون».
والجدل والنقاش فى الإسلام لا يكون إلا بالحسنى حتى مع عتاة الكافرين والطغاة فقد أمر الله سبحانه وتعالى موسى وأخيه هارون أن يذهبا إلى فرعون ويقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى... قولا لينا... والرسول محمد(ص) يقول «أنا زعيم «ضامن» لبيت فى أعلى الجنة لمن ترك المراء وهو محق».
•••
أهدى ما تقدم إلى أبوبكر البغدادى لعله يتذكر أو يخشى وأطالبه بأن يسقط كلمة الإسلام من اسم منظمته فهذه ليست دولة الإسلام بل دولة الشيطان فى العراق والشام.