الخليج ــ الإمارات.. اتفاق سوتشي
صحافة عربية
آخر تحديث:
الخميس 31 أكتوبر 2019 - 8:10 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبدالحسين شعبان، جاء فيه ما يلى:
أسفرت مباحثات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان فى سوتشى عن اتفاق من 10 نقاط أهمها تسيير دوريات مشتركة على تخوم «المنطقة الآمنة» للحدود السورية التركية كما نص الاتفاق على بدء تسيير دوريات للشرطة العسكرية الروسية والقوات السورية النظامية على الجانب السورى من الحدود، على أن تكون مهمتها الأساسية سحب القوات الكردية والأسلحة من المنطقة المحاذية للعمليات التركية، لتبدأ بعدها موسكو وأنقرة المحافظة على الوضع فى المنطقة الحدودية.
وبموجب الاتفاق يلتزم الجانبان بـ«وحدة سوريا وسيادتها» مع «تلبية متطلبات الأمن الوطنى التركى»، وذلك بالتأكيد على «اتفاق أضنة» وأن تكون موسكو الضامن الأساسى لتطبيقه، مع التأكيد على أن الهدف الأساسى يتمثل فى «إخلاء سوريا من الوجود العسكرى الأجنبى». واستمرت المباحثات ــ التى كان مقررا لها نحو ساعتين ــ ست ساعات، الأمر الذى يعكس صعوبة التوصل إلى اتفاق، فضلا عن الملفات المعقدة والصعبة التى تم بحثها، وهى تتلخص فى 3 ملفات أساسية:
أولها: الموقف من إنشاء المنطقة الآمنة.
وثانيها: مساعى موسكو لفتح قناة حوار مباشرة بين أنقرة ودمشق.
وثالثها: الموقف من إبقاء الولايات المتحدة جزءا من قواتها فى مناطق شرق الفرات السورية لحماية المنشآت النفطية.
ووصف الرئيسان بوتين وأردوغان الاتفاق فى مؤتمر صحفى مشترك عقب توقيعهما بأنه «اتفاق مصيرى» ومهم للغاية، وذلك بعد أن تم تلاوته بالروسية والتركية من قبل وزيرى خارجية البلدين.
وتحاول موسكو «ملء الفراغ» بعد انسحاب واشنطن، فى رسائل مزدوجة، أولها: التحذير من الفراغ الذى قد يستغله الإرهابيون، وثانيها: توفير شروط مطلوبة للأمن والسلام على الحدود ومنع الإرهابيين الاستفادة من التطورات الجديدة. وثالثها: تطمينية للأكراد بتأكيد أهمية تعزيز الحوار بين دمشق وبينهم لأنهم جزء من الدولة السورية والنسيج الوطنى السورى ويجب أن تراعى حقوقهم ومصالحهم، ورابعها: بخصوص استمرار عمل «اللجنة الدستورية» التى يفترض أن تعقد اجتماعاتها فى جنيف.
أما أردوغان فكانت رسائله هى أن بلاده ملتزمة بمبدأ وحدة وسلامة الأراضى السورية، وذلك بتأكيده :«وليس لدينا أى أطماع فى أراضى الغير» وإن الهدف هو «دحر الإرهابيين» و«إعادة اللاجئين السوريين» وأنه خطط لإعادة نحو مليون لاجئ سورى إلى «المنطقة الآمنة».
وتزامن إعلان «اتفاق سوتشى» مع اقتراح وزيرة الدفاع الألمانية انجريت كرامب كارنباور لإنشاء منطقة آمنة فى سوريا برعاية دولية لحماية المدنيين وضمان استمرار التصدى لتنظيم «داعش» الإرهابى، وقالت إنها اتفقت مع المستشارة انجيلا ميركل على عرض الاتفاق على دول حلف شمالى الأطلسى خلال اجتماعه فى بروكسل.
ويتضمن الاقتراح الألمانى مشاركة فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى تركيا وروسيا فى «قوة دولية» للانتشار فى شمالى سوريا، وهو الأمر الذى اعتبر إرباكا لحلفاء حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطى الحاكم الذى تنتمى إليه وزيرة الدفاع، وبدا وزير الخارجية الألمانى هايكو ماس متفاجئا لأنه اعتبر العملية التركية «غزوا» وأنها تتعارض مع قواعد القانون الدولى.
حتى الآن من الصعب التكهن بما ستؤول إليه العلاقات السورية ــ التركية، وما إذا كان الحوار المباشر الذى يقترحه الروس سيفضى إلى النتائج المطلوبة، خصوصا وأن العديد من القضايا العقدية ما تزال قائمة منها ما يتعلق بالمنطقة الآمنة ومنها ما يتعلق بمصير الأكراد وحقوقهم القومية السياسية والدستورية والموقف من حزب العمل الكردستانى ومسألة الإشراف على المناطق النفطية بشمال سوريا.
وقد رافق قمة بوتين ــ أردوغان إشارات اقتصادية مهمة، حيث تم الاتفاق على استخدام «الروبل» الروسى و«الليرة» التركية فى التعامل الاقتصادى بين البلدين بدلا من العملات الأجنبية، وخصوصا الدولار، وتم بحث آلية مالية لتشبيك النظام المصرفى فى البلدين، كما اتفق البلدان على بناء محطة الطاقة النووية بمساعدة روسية واستمرار التعاون بشأن مشروع السيل التركى للغاز، وفى المجال العسكرى استمرار التعاون بخصوص «صواريخ إس 400»، ويبقى الموضوع الأساسى هو الإرهاب والمقصود تركيا «حزب العمال الكردستانى» وسوريا وروسيا جميع المجاميع الإرهابية، بما فيها «داعش» وجبهة النصرة «جبهة تحرير الشام» وأخواتها، وهو أمر مختلف عليه فيما يتعلق بإدلب ووجود الجماعات الإرهابية والمسلحة.