أيهما أفضل لمصر.. ترامب أم هاريس؟

محمد المنشاوي
محمد المنشاوي

آخر تحديث: الخميس 31 أكتوبر 2024 - 7:50 م بتوقيت القاهرة

سألت تطبيق «تشات جى. بى. تى» ChatGPT مَن الأفضل لمصر بين مرشحى الرئاسة الأمريكية، نائبة الرئيس الحالى والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، أم دونالد ترامب، الرئيس السابق والمرشح الجمهورى؟.
وجاءت الإجابة كما يلى «إذا كانت أولويات مصر تتماشى مع الاستقرار الأمنى وعدم التدخل فى القضايا الداخلية، فقد يكون نهج ترامب هو الأنسب. أما إذا كانت مصر تسعى للنمو الاقتصادى، والتعاون المناخى، والتحديث على المدى البعيد، فقد يكون نمط هاريس السياسى أكثر شمولية، على الرغم من احتمالية زيادة التدقيق على سياسات الحكومة المصرية».
إلا أننى أختلف مع تطبيق الذكاء الاصطناعى، وهو الأهم والأكثر دقة فى العالم، إذ لا أرى أى فارق أو مصلحة مصرية قد تتأثر بوصول هاريس أو ترامب للبيت الأبيض. ويترك لنا سجل ترامب أثناء سنوات حكمه الأولى بين 2016 إلى 2020 وسيلة للحكم على مسار متوقع لعلاقات القاهرة وواشنطن حال وصوله للبيت الأبيض. وعلى نفس المنوال، فلهاريس سجل مماثل من خلال سنوات إدارة جو بايدن الأربعة، والتى تترك لنا صورة لما ستكون عليه علاقة الدولتين حال وصولها للبيت الأبيض. ورغم مؤسسية عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه دولة بحجم وأهمية مصر، ما زال يركز كُثر بين النخبة المصرية على شخصنة علاقات مهمة بحجم علاقات القاهرة بواشنطن.
• • •
قبل ثمانى سنوات، تلقت القاهرة خبر فوز دونالد ترامب بالرئاسة بسعادة وترحيب كبيرين، إذ رأت فى فوز ترامب، وانتقال موازين القوة داخل البيت الأبيض، فرصة لإنهاء الجفاء الذى جمع القاهرة بواشنطن خلال سنوات حكم باراك أوباما. وينظر ترامب للرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بصورة شديدة الإيجابية منذ لقائهما الأول خلال سبتمبر 2016 فى أشد مراحل الحملة الانتخابية الرئاسية الأولى له شراسة. وعقب اللقاء الذى وصف فيه ترامب السيسى بـ «الرجل الرائع»، اجتمع السيسى مع ترامب عدة مرات بمدينة نيويورك وفى البيت الأبيض بواشنطن، وخلال هذه اللقاءات قال الرئيس السيسى إن الرئيس الأمريكى «ذو شخصية مميزة جعلته يحقق المستحيل»، وأضاف فى اللقاء الذى جمعهما بالبيت الأبيض قبل أعوام موجها كلامه للرئيس ترامب «ستجدنى أنا ومصر بجانبك لمواجهة الإرهاب والقضاء عليه». من جانبه مدح ترامب السيسى بالقول «أعلم أنك تعمل بجد على ذلك. إنه ليس بالأمر السهل. وأنت فى الطليعة. لكنك قمت بعمل رائع، أُريد فقط أن أهنئكم وأقدم لكم جزيل الشكر».
أما عن سجل ترامب إقليميا كرئيس، تخلى ترامب عن الاتفاق النووى الذى كان قد وضع حدا لبرنامج إيران النووى، ونقل السفارة الأمريكية فى إسرائيل إلى القدس، وأغلق المكتب القنصلى الأمريكى للسلطة الفلسطينية فى واشنطن. ودعم ترامب التطبيع العربى الإسرائيلى وصولا لتوقيع الاتفاقيات الإبراهيمية التى نتج عنها علاقات دبلوماسية بين إسرائيل من جانب، وكل من البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة والسودان، من جانب آخر.
بعد وصول هاريس للحكم كنائبة لبايدن، لم تردّ الإدارة الديمقراطية أى من هذه الهداية الترامبية لإسرائيل، والتى وعدت بها الجانب العربى مثل إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن، أو فتح القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية لخدمة فلسطينى وفلسطينيات المدينة، ولم تعد العمل بالاتفاق النووى مع إيران. ومنذ أن خسر ترامب انتخابات عام 2020، كان أقل ودية إلى حد ما تجاه نتنياهو، على ما يبدو لسبب شخصى وهو تهنئته للرئيس بايدن على فوزه بانتخابات 2020.
• • •
فى وقت يرى بعض العرب المراقبين أن هاريس تتعاطف مع المحنة الفلسطينية الحالية، مقارنة بترامب، يمثل دعمها الكامل وغير المشروط لعدوان إسرائيل المستمر على قطاع غزة ومدن الضفة الغربية، الموقف الأكثر وضوحا واتساقا مع سياسات حزبها تجاه العدوان منذ بدايته وحتى الآن.
من جانبه يكرر ترامب أن هجوم حركة حماس فى 7 أكتوبر لم يكن ليحدث لو كان رئيسا، وبدون الخوض فى تفاصيل خطته، قال إنه سيوقف الحرب فى غزة إذا انتُخب وأنه سيحقق الاستقرار فى المنطقة. وقال: «إذا فزت، سنحقق السلام فى الشرق الأوسط سريعا».
• • •
لا يكترث المرشحان والحزبان بقضية الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا فى الشرق الأوسط ولا خارجه. ويظهر ذلك فى موقف إدارة بايدن تجاه حلفائها التقليديين بالشرق الأوسط رغم لغة الخطاب الانتخابى القوية عام 2020. ولم تتعرض هاريس لأى من هذه القضايا الهامشية والتى تُستغل فقط لخدمة أهداف السياسة الخارجية الأمريكية الاستراتيجية والصريحة. وتجاه هذه القضايا، يتخذ ترامب موقفا أكثر صراحة ووضوحا، إذ لا يكترث بقضايا الديمقراطية وغياب الحريات وانتهاكات حقوق الإنسان فى أى مكان حول العالم.
لم يخض ترامب أى حرب خارجية، ووصل لاتفاق سحب قوات بلاده من أفغانستان، وحاول ردم هوة الخلاف مع كوريا الشمالية، فى خطوات دراماتيكية لم يجرؤ عليها رئيس أمريكى آخر. وبصرف النظر عن تأكيده المتكرر لدعم إسرائيل، لا أجد فارقا واضحا بين ترامب وهاريس فى دعمهما لإسرائيل، لكن فى الوقت ذاته، يسمح كون ترامب من خارج أجهزة ومؤسسات الحزب والدولة، أن يمنحه بعض الحرية فى اتخاذ قرارات ومواقف مغايرة خارج الصندوق، والتى لن تكون خبرا سيئا للجانب الفلسطينى بعدما منح ترامب إسرائيل ما تريد خلال فترة حكمه الأولى ولم يحرك العالم العربى أو الإسلامى ساكنا، وهو ما دعمه ووثقه ولم يغيره بايدن ولا هاريس خلال سنوات حكمهما الأربعة.
فى النهاية، قد تفضل الدبلوماسية المصرية إدارة أمريكية غير صاخبة يمكن توقع مواقفها وسياساتها الإقليمية مثلما كان الحال مع إدارة بايدن. إلا أنه ومع استمرار الأوضاع العربية البائسة، قد يكون من الأفضل الاستعداد لرئيس أمريكى غير تقليدى لا تضبطه قيود المؤسسات والأحزاب الأمريكية التقليدية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved