ليبيا والسودان والمشرق العربى فى 2014
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الأربعاء 31 ديسمبر 2014 - 8:45 ص
بتوقيت القاهرة
إذا كانت المغرب تودع 2014 وبعض عناصر الملكية الدستورية واحترام الحقوق والحريات العامة تختلط بها بتدخل المؤسسة الملكية فى بعض مناحى الحياة السياسية والمجتمعية، والجزائر تنهيه دون تغيير بشأن هيمنة المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية على الدولة، وتونس تختمه متمسكة بمسار تحول ديمقراطى وبناء مؤسساتها التشريعية والتنفيذية المنتخبة وبتقلبات فى أوزان القوى السياسية القديمة والجديدة، ومصر بها مجموعات ذات صوت مرتفع تؤيد السلطوية الجديدة وتعتذر عن «المحاولة الديمقراطية» كخطأ وبها مجموعات أخرى إما خفت صوتها وإما تراجعت أهميتها تبحث عن سبل استعادة السلم الأهلى وإحياء السياسة وإعادة مؤسسات وأجهزة الدولة إلى أدوارها الطبيعية دون هيمنة للمكون العسكرى ــ الأمنى فإن أوضاع بقية البلدان العربية فى القارة الأفريقية تبدو شديدة السلبية.
تتحول ليبيا إلى حالة أشبه بحرب الكل ضد الكل وتمزق بها مؤسسات وأجهزة الدولة إلى أشلاء متصارعة، بينما شعبها يعانى من تصاعد الإجرام الإرهابى وعنف المتصارعين على الحكم / السلطة الذين تارة يقتلون بإدعاء الأهداف السياسية وتارة يقتلون بوحشية على الهوية ــ كما حدث بمأساوية مع الدكتور المصرى القبطى وزوجته وابنته منذ أيام قليلة. أما السودان فاستقراره غائب، وصراعات مناطقه تتصاعد، وسلطوية حكومته تستمر وتورط مؤسسات وأجهزة الدولة فى انتهاكات للحقوق وللحريات، وموارده البشرية والطبيعية الكثيرة تائهة وغير موظفة دون تغيير منذ عقود. ثم تأتى بلدان الأطراف موريتانيا وجيبوتى وجزر القمر والصومال، وتلك إما بين تنمية بشرية غير حاضرة وسياسة تتقلب بانتظام كما فى موريتانيا وجيبوتى، أو بين استقرار ظاهرى بظروف معيشية مقبولة وحقوق وحريات مهمشة، كما فى جزر القمر، أو فى انهيار وتفتت وحروب الدويلات بعد تفكك الدولة الوطنية كما فى الصومال.
أما المشرق العربى وشبه الجزيرة، فكارثتهما الكبرى تتمثل فى انهيار الدولة الوطنية فى العراق وسوريا واليمن وتداعيات ذلك الإقليمية المختلفة من إرهاب متجاوز للحدود إلى عمليات نزوح ولجوء وتهجير قسرى واسعة وغير مسبوقة فى بلاد العرب. وتأخذ العمليات هذه العديد من الأبعاد المأساوية بل تتحول إلى جرائم ضد الإنسانية حين يقتل ويهجر الناس على الهوية الدينية أو المذهبية أو العرقية؛ فيهجر المسيحيون من العراق والأكراد من سوريا على يد داعش، بينما تتصاعد عمليات النزوح من سوريا من قبل السكان السنة إلى الجوار فى لبنان والأردن وتركيا ومن قبل آخرين إلى بلاد مختلفة والسبب فى الحالات جميعا الاضطهاد وغياب الأمن والخوف على الحياة، وتحرك القوى القبلية والمذهبية والسياسية المتكالبة على الحكم/السلطة فى اليمن أهلها شمالا وجنوبا كما يحلو لها بل وتحاصرهم بأعلام القبائل والمذاهب والمصالح بعد أن اختفى علم الدولة الوطنية.
ونصبح مع وضعية أزمة إقليمية طاحنة، حين ننظر إلى فعل بلدان الخليج العربية، التى ابتعدت فى 2014 عن أحزمة الأزمات وحافظت على معدلات تنمية بشرية واستقرار مجتمعى جيدة، إلا أن توجهاتها وسياساتها وأموالها المتحركة عربيا وعالميا لم تسفر إلا عن تراجع عن مسارات التحول الديمقراطى هنا وتمزيق للدول الوطنية بدوافع مذهبية وسياسية هناك، وفى الأحوال جميعا تصاعدت معدلات الإرهاب والعنف المتنقل عبر الحدود العربية.
عام عربى كارثى يغادرنا بعد ساعات قليلة، وبه أيضا تواصل الإجرام الإسرائيلى احتلالا واستيطانا وعدوانا على القدس والضفة وغزة دون رادع إقليمى أو دولى. نودع 2014 برغبة فى ألا تتواصل حقائقه وسماته الكبرى طويلا.