وأشده ويلسعنى.. وأشده ويلسعنى
طب وتشده ليه؟
!!.. عشان يلسعنى!
هذا المشهد يا سادة (والمأخوذ من مسرحية «هاللو شلبى») هو الملخص الوافى للحاصل على الساحة المصرية الآن.. البعض بيسميها «حرب الإرادة السياسية» أو «الحرب الباردة» أو «حرب تكسير العظام».. لكن الأمر أشبه بمنطق مشهد عبد المنعم مدبولى وسعيد صالح من أى من هذه المصطلحات الفخيمة المنمقة.. اللى بنشوفه كل يوم من حرب إنترنتيه بين ما يسمى التيار الليبرالى وما يسمى التيار الإسلامى ومن مناوشات بين أفراد كل من الفريقين اللى بيحاولوا يستغلوا «عصر الحرية» اللى احنا عايشين فيه ويعبروا عن أفكارهم ويسفهوا آراء الفريق الآخر ظنا منهم إنهم بكده هيقدموا أنفسهم لجموع الشعب المصرى ويسيطروا على أسلوب تفكيره أو على الأقل يجذبوه ناحية طريقتهم فى التفكير لا يرقى لأن يكون جزءا من أى ساحة سياسية.. مكانه الوحيد هو المسرحيات الهزلية ومسلسلات السيت كوم.. خصوصا أن النتيجة بتكون إن الأشخاص المنتمين لتيار معين هم أكثر من يسيئون إليه.. وأن الضربات اللى بيتلقاها أى تيار من اللى مدوخيننا فى دواماتهم دول لا تأتى غير من إيد أبنائه وهى بتطرقع على قفاه.. بمنطق «النيران الصديقة».. أو بمعنى أصح بمنطق «أستك منه فيه».. البعض يسعى سعيا حثيثا دائما للبحث عن «هوليلة».. عن موقف ما يعلى فيه صوته لغاية ما يغطى على أصوات الآخرين وبكده يتخيل إنه انتصر على كارهيه وكبس معارضيه وفلفل مبغضيه..
وكأن التيار الغالب على المجتمع المصرى هيكون هو التيار الحاصل على أكتر مشاهدات لفيديوهاته على اليوتيوب أو أكبر عدد من الألشات مؤلفة وموزونة وملصق جنبها راس «ياو مينج» اللى أصبح أيقونة حرب الأيديولوجيات فى مصر، وكأن الجنود المحاربين من الشباب اللى شغال قص ولزق من فيديوهات قديمة وبحث فى أرشيفات الصحف عشان يدور على سقطة هنا ولقطة هناك وبيبدع فى تركيب أصوات فنانين على صور شخصيات سياسية وتركيب أصوات سياسيين على صور فنانين هم فقط من تضمهم تلك التيارات المتنافسة..
فرضنا أن وجود هذه المناوشات شىء طبيعى وموجود فى كل البلاد.. لكن جنب كل ده فين الناس اللى بتتكلم بجد؟.. ما فيش حد عاقل.. مافيش ناس كبار؟.. مافيش فى كل تيار شخصيات جادة عاقلة وواعية يخاطبوا الناس بأسلوب محترم عشان يفهموا إنتوا مين بالظبط وعايزين منهم إيه؟.. إيه خططكم؟.. إيه أهدافكم؟.. إيه وسائلكم؟.. شايفين وناويين تجيبولنا بكره إزاى؟.. أصبح ال»سكور» بين التيارين هو فقط عدد الكبسات اللى كبسها كل تيار للتيار الآخر وعدد الإهانات اللى لبست فى وش التيار ده وعدد الفضايح اللى اتفضحها التيار التانى.. يخرج الغضب والتنافس أبشع ما فى الفريقين ويضطر كل منهم للهبوط لمستوى متدن من الفجور وقت الخصام.. فيضرون أنفسهم.. ويضروننا.. حين يقف الشعب المصرى ليشاهد ما يحدث ويزداد فى قلبه اليقين بأن اللعبة أصبحت لعبة صغار.. وأن كل ما حققته الثورة لم يكن إلا استبدال ناس عاقلين عارفين من أين تؤكل الكتف بهؤلاء الهواة المهرجين.. وكأن كل من ماتوا وسالت دماؤهم راحوا ليمهدوا الجو لقفشة حلوة أو كبسة معتبرة أو لسعة قلم على قفا أحدهم يتردد صداها فى القبور لتطمئن من دفعوا أرواحهم فداء للبلد أن: «لا تقلقوا، إحنا بناخد حقكم ومحترمين تضحياتكم وهنبهدلهم قفشات».. يا كبار البلد.. كونوا على قدر المسئولية واعقلوا.. يا من يفترض أن يقودونا لعصر جديد.. يا من جلستم فى مكاتبكم وبيوتكم تنتظرون الأخبار بينما كان الشباب فى الميادين وأهلهم ينتظرون أخبارهم دون أن يدروا أيأتيهم أبناؤهم مشيا أم محمولين.. أهكذا يكون التنافس.. أهكذا تلعب لعبة السياسة.. هو ده أقصى ما عندكم.. منطق «إوعى سيبى اللعبة بتاعتى» ومنطق «أستك منه فيه»؟!