تابعنا تطورات احتجاز بعثة الأهلى فى مالى بقلق شديد، مع أنباء بثتها وكالات عن قوع قتلى بالمطار، وطلقات رصاص فى شوارع العاصمة، وقد أغلق المطار بسبب هذا الانقلاب المضاد للانقلاب، وهو ما ترتب عليه إرسال طائرة عسكرية إلى السنغال لنقل البعثة فور إعادة فتح المجال الجوى لمالى وبالتالى مطار ماباكو. والواقع أننى لم أكن أسخر أو أمزح حين أشرت إلى الشعار الوطنى لدولة مالى، الذى يقول «شعب واحد، هدف واحد، ولاء واحد».. فقد كنت أراه شعارا يعاتب به الشعب نفسه وتعاتب به الدولة برمتها أحوالها والأحداث السياسية المتقلبة التى مرت بها على مدى تاريخها الحديث، حيث عانت مالى من سلسلة انقلابات بدأت ضد الرئيس موبيدو كايتا عام 1960 وتوالت بعده سبعة انقلابات كان أحدثها هذا الانقلاب على الانقلاب الذى قامت به قوات من الحرس الجمهورى الموالية للرئيس السابق أحمدو تومانى توريه ضد لديونكواندا تراورى رئيس البرلمان الذى تسلم السلطة من أمادو سانوجو قائد الانقلاب العسكرى فى 22 مارس الماضى.. وهو ما يشير إلى تعدد الولاءات والأهداف للشعب الواحد وهو ما لا يساعد على استقامة الأمور فى دولة مهمة بقلب غرب إفريقيا.
- ليست تلك هى المرة الأولى التى تحتجز فيها بعثة الأهلى أو فريق مصرى فى دولة إفريقية، لكن الاحتجاز فى مالى يعد أصعب وأخطر ما واجه فريقا مصريا فى إفريقيا منذ سنوات.. ففى عام 2008 احتجزت بعثة الأهلى فى مطار ياوندى لسداد 22 ألف دولار إلى سلطات الطيران المدنى الكاميرونية للسماح لطائرتى البعثة والمشجعين بالاقلاع تحت بند زيادة موارد المطار طبقا لقانون صدر قبل يوم واحد من وصول الطائرتين إلى ياوندى.. ومن قبل فى منتصف الثمانينيات احتجزت بعثة الأهلى فى مطار ندولا أيضا لمدة 6 ساعات لسبب مشابه، حين حطمت محركات الطائرة البوينج 767 بقوة دفعها لحظة الاستعداد للإقلاع سيارات ومواقع فى المطار الصغير الذى لم يكن مستعدا لاستقبال الطائرات الكبيرة.. ولم تغادر الطائرة أرض المطار إلا بعد سداد البعثة مبلغ ألفى دولار على ما أذكر.. إذن هو الاحتجاز الثالث للأهلى.
- عدم استقرار مالى منذ يناير الماضى بسبب تمرد قبائل الطوارق فى الشمال، كان يفرض على الاتحاد الإفريقى التدخل بشأن اللعب فى باماكو، خاصة أن البلاد شهدت انقلابا عسكريا منذ 42 يوما على مباراة الأهلى مع الملعب، ولم تكن الأحوال مستقرة بما يسمح بالمباريات.
- مالى كانت مستعمرة فرنسية فى القرن التاسع عشر، وأطلق عليها السودان الفرنسية ثم سميت بفيدرالية مالى باتحادها مع جارتها السنغال. وعندما انسحبت السنغال بعد ذلك بشهور قليلة، تم تغيير تسمية الجمهورية السودانية الفرنسية إلى مالى.. لكننى أعود إلى الشعار الوطنى «شعب واحد، هدف واحد، ولاء واحد» حيث يزداد يقينى بعدم الإيمان بالشعارات التى تزين الرايات والأعلام واللافتات، خاصة أننا كدولة وكمجتمع نعانى وتعانى معنا أجيال من الشعارات، وهى كثيرة لدرجة أننا لسنا بلد شهادات فحسب، وإنما بلد شعارات وكثير منها مزيف أو وسيلة يمرر بها انتهازيون رغباتهم، فلا تهم تلك الجمل التى تنطق بالحكمة والوطنية، فالحكمة والوطنية مكانهما الضمير والقلب.. يسقط.. يسقط حكم الشعارات ؟