بالرغم من أن استخدام «الكذب والنفاق والضحكة الصفراء»، فى الوصول إلى هدف أمر «مقرف» لكنه يحدث، لكن أن «تسلم أخاك أو تقتله» بدعوى الحفاظ على نقاء الفكرة وبقائها فهذا ما يمكن إدراجه تحت بند الـخسة والندالة و«قلة الأصل».
أعضاء الجماعة «الربانية» يتقربون ويتعبدون إلى الله بالحفاظ على التنظيم.. فالتنظيم هو «دار الأرقم بن أبى الأرقم» التى سيطلقون منها الدعوة مرة أخرى لتعيد الخلافة ومن ثم الوصول إلى «أستاذية العالم».
حسن البنا مرشد الإخوان الأول وضع أسس «قداسة التنظيم»، حيث جعل الارتباط بجماعته مشروطا ببيعة وقسم يؤديه العضو، معتبرا أن الإخوان حازوا كل مميزات الجماعات والدعوات.
وقسم البنا الناس إلى أربعة أقسام بحسب موقفهم من الانتماء للتنظيم، فوصف من قبل الانضمام لجماعته بأنه «مؤمن»، ومن لم يحسم موقفه من عضوية الإخوان «متردد»، و«النفعى» هو من أعرض عنها بسبب عدم انتفاعه منها، وأما من أدار ظهره للإخوان، ورفض الانضمام لها، فهو فى نظر البنا «متحامل» ينظر للإخوان بمنظار أسود، ولا يرى الخير الذى تحمله الجماعة.
ويقول فتحى يكن مراقب إخوان لبنان الراحل فى كتابه «ماذا يعنى انتمائى للإسلام»: «الانتماء للحركة الإسلامية انتماء لهذا الدين، وامتثال لأمر الله، وطمع فى رحمته ورضاه».
أما القيادى الإخوانى السورى سعيد حوى، فيقول فى كتابه «المدخل إلى جماعة الإخوان»: لابد أن يكون التنظيم هو العقل المفكر والمحرك للمسلمين... وعلى المسلمين أن يوالوا بعضهم، والولاء الكامل لا يتحقق إلا ضمن جماعة».
السمع والطاعة، والثقة فى القيادة من أركان البيعة عند الإخوان، ولا يجوز لإخوانى مهما كان شأنه أن يخرج عن هذه الطاعة أو يشكك فى القيادة، «نعلم ما لا تعلمون»، ومن يناقش ويجادل أو يتأفف فهو «آثم» محسوب على «خبث الدعوة».
استباحة «خبث الدعوة» فى سبيل سلامة ووحدة التنظيم أولى من استباحة «المتحامل» أو «المتردد»، فالفريق الأول يعرض البنيان إلى التشقق والانهيار من الداخل، أما الفريق الثانى فيسهل صده.
فى سبيل التنظيم صفت الجماعة عددا من قادتها وعلى رأسهم المهندس سيد فايز عبدالمطلب، الذى أرسل له إخوانه بالنظام الخاص علبة حلوى مفخخة انفجرت فى شقته فقتلته مع عدد من أفراد أسرته، بعد ان أعلن دعمه للمرشد الثانى حسن الهضيبى فى مواجهة قائد النظام الخاص عبدالرحمن السندى، أثناء أزمة 1954.
فى سبيل التنظيم قدمت الجماعة شبابها قرابين على أعتاب اعتصامى رابعة العدوية والنهضة عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى حتى تصنع «كربلاء» جديدة تتاجر بها وتفاوض وتظل تحت بؤرة ضوء المجتمع الدولى، وفى سبيل تنقية التنظيم من «خبثه» قتل أعضاء مجموعة «العقاب الثورى» الإخوانية عضوا بالجماعة رميا بالرصاص بدعوى تعاونه من الأمن منتصف العام المنقضى.
فى سبيل التنظيم أيضا دخل طرفا الصراع الداخلى المتنازعين على قيادة الجماعة أخيرا فى مباراة بعنوان «سلم أخاك حفاظا على التنظيم»، فكل فريق يرى فى الآخر «خبثا» يجب اقتلاعه بأى طريقة حتى تنقى «الدعوة» وتستمر.
ووفقا لما نقله زميلنا محمد خيال محرر ملف الحركات الإسلامية بـ«الشروق» فإن الأمن داهم مطلع شهر ديسمبر المنقضى اجتماعا تنظيميا لكوادر من جبهة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الجماعة بناء على وشاية أعضاء لجنة محمد كمال، فى المقابل اتهم قادة «لجنة إدارة الأزمة»، عزت وإخوانه بأنهم المسئولون عن مقتل عدد من قيادات الجماعة ومنهم ناصر الحافى وهشام خفاجى خلال مواجهة مع الأمن بعد أن سلمهم إخوانهم إلى الأمن.
طرفا صراع الجماعة «الربانية»، تجاوزا حدود «الردح»، ورفع كل فريق منهما شعار «سلم أخاك فى سبيل سلامة الصف، ونقاء الفكرة»، ليتحولا إلى «مخبرين فى سبيل الله».