فى مباريات الكرة تطالب أندية عديدة بحكام أجانب لأسباب تتعلق أحيانا بعدم كفاءتهم، وأحيانا خوفا من تعرضهم لضغوط تؤثر على قراراتهم، أو لأسباب أخرى مختلفة لا داعى لذكرها.. وفى واقعة وفاة الشاب خالد سعيد الشهير بـ«شهيد الطوارئ»، يبدو أننا نحتاج إلى أطباء شرعيين أجانب وإلى ناشطين سياسيين أجانب والأهم منهما: مخبرين أجانب..!
فحتى الآن لم يحسم الطب الشرعى ــ بعد تشريح جثة خالد ــ سبب وفاته بشكل قطعى، وإن كان نفى تمام أن ضرب المخبرين له هو سبب موته.. وفى حين قطع الدكتور السباعى أحمد رئيس مصلحة الطب الشرعى، باستحالة وضع لفافة البانجو بالقوة فى فم خالد لعدم وجود آثار عنف عند الفكين، مؤكدا أنه ابتلع لفافة البانجو بمحض إرادته حتى انزلقت إلى قصبته الهوائية فأدت إلى موته اختناقا..
فإن الدكتور أيمن فودة، كبير الأطباء الشرعيين السابق، أكد أن تقرير وفاة خالد به قصور شديد ويحتاج إلى إعادة نظر.. وفى نفس الوقت، فإن شهودا كثيرين على واقعة موت خالد أكدوا أنه تعرض لضرب مبرح يتعارض مع ما جاء فى تقرير الدكتور السباعى.. أما الهواة من أمثالى فالشكوك تحاصرهم حول سبب ابتلاع خالد للفافة البانجو بدلا من التخلص منها بشكل أو بآخر!!
ومع استمرار الضغوط التى يمارسها نشطاء سياسيون والذين انضم إلى حملتهم الدكتور محمد البرادعى، تصاعدت قضية خالد سعيد إلى اهتمام دوائر سياسية وحقوقية فى أوروبا وأمريكا، بصورة أثارت قلق النظام فى مصر، وأحرجت السلطات التى أمرت بالتحقيق مع المخبرين المتهمين بضرب خالد واحتجازه بشكل غير قانونى، فى خطوة تأخرت كثيرا وإن كانت أفضل من ألا تأتى أبدا..
مخبرا الإسكندرية مارسا طقوسهما الاعتيادية حينما اعتديا بالضرب على خالد كجزء من فهمهما لطبيعة عملهما، ولم نسمع أن أيا من رؤسائهما قد عاقبهما على هذه الجريمة التى تمارس بشكل يومى فى مصر.. وإذا كانت وقائع العنف والتعذيب ضد المتهمين السياسيين والجنائيين فى مصر لها تاريخ أسود طويل وعريض، لم تفلح «عصور الديمقراطية الزاهية» التى نعيشها الآن أن تخفف من وطأتها، فإن المطلوب الآن هو تفعيل العقوبات على جرائم الضرب والتعذيب..
أو استيراد مخبرين أجانب أفضل أن يكونوا من السويد أو الدانمارك للتعامل مع مجرمينا الغلابة أو نشطائنا السياسيين الذين ساقهم حظهم التعس إلى التعامل مع حكومات تعتبرهم قلة قليلة وقليلة الأدب منذ أيام الرئيس السادات.. وحتى تاريخه.