ما تأثير الذكاء الاصطناعى على الحكومات والمجتمع؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:14 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما تأثير الذكاء الاصطناعى على الحكومات والمجتمع؟

نشر فى : الإثنين 2 أكتوبر 2023 - 6:35 م | آخر تحديث : الإثنين 2 أكتوبر 2023 - 6:35 م

نشر موقع صدى الولاية الإخبارى مقالا للكاتبة زينب عقيل، تناولت فيه إلى أى مدى وصلت قدرات الذكاء الاصطناعى فى التأثير على إرادة البشر وتغيير قناعاتهم... نعرض من المقال ما يلى.
فى جامعة ستانفورد، أراد مجموعة من الباحثين التحقيق فى حدود الإقناع السياسى للذكاء الاصطناعى، من خلال اختبار قدرته على التأثير على البشر الحقيقيين، فى بعض أهم القضايا الاجتماعية والمثيرة للجدل. ثم قامت عينة مؤلفة من آلاف الأشخاص من قراءة مجموعة من النصوص تم تعيينها بشكل عشوائى، منها ما كتبها الذكاء الاصطناعى، ومنها تم صياغتها من قبل البشر. وقبل القراءة، طلب من المشاركين إعلان مواقفهم بشأن القضايا التى كتبت لها الحجج قبل القراءة وبعدها. ثم قام فريق البحث بقياس مدى تأثير الرسائل على القراء الذين لم يعلموا مصدر الرسائل، وتقييم المؤلفين الأكثر إقناعا ولماذا. وكانت النتيجة أن الرسائل التى ابتكرها الذكاء الاصطناعى «مقنعة باستمرار للقراء البشريين». وأنها مقنعة مثل الرسائل التى ينشئها الإنسان فى جميع الموضوعات. وتم تصنيفها على أنها أكثر واقعية ومنطقية، وأقل تحيزا، وأقل اعتمادا على سرد القصص كأسلوب مقنع.
هل يتجاوز القدرات البشرية؟
من المتوقع من الذكاء الاصطناعى أن يتجاوز القدرات البشرية فى مجالات تعزيز الاستثمارات المالية، وأثبتت أنظمة التشخيص الذكية أنها أكثر دقة من الأطباء فى تشخيص الأمراض، لكن ماذا عن الحكومات؟ وماذا سيكون تأثير الذكاء الصناعى على طبيعة الحكومة وكيف تضع سياساتها فى أى بلد كان؟ بل كيف تم بالفعل تشكيل السياسة وتعطيلها من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى؟ وإذا كانت الآلات ستكون جزءا من نظامنا السياسى، فهل يمكنها اتخاذ قرارات أخلاقية؟ وإلى أى مدى يمكن لهذه الآلات أن تدرك مجموعة واسعة من التخصصات التى يدخل فيها صنع القرار السياسى بما فى ذلك الفلسفة الأخلاقية والقيم وعلم النفس الاجتماعى وعلم الاجتماع؟ وهل سنصل إلى مرحلة يتم فيها القضاء على البشر فى صنع القرار السياسى؟ وهل يجب رفض صنع القرار البشرى واستبداله باتخاذ القرارات القائمة على البيانات، والمدعومة بالذكاء الاصطناعى؟ ربما نعم، أو قد تكون الإجابة لا.
لقد رأينا بالفعل تشريعات صاغها الذكاء الاصطناعى فى الولايات المتحدة، وإن كان ذلك تحت إشراف المستخدمين البشريين وقدمه المشرعون البشريون. بعد تقديم بعض الأمثلة المبكرة لمشاريع القوانين التى كتبها الذكاء الاصطناعى فى ماساتشوستس ومجلس النواب الأمريكى، كان لدى العديد من الهيئات التشريعية الرئيسية «أول مشروع قانون كتبه الذكاء الاصطناعى» أو «استخدم ChatGPT لتوليد ملاحظات اللجنة».
العديد من مشاريع القوانين والخطب هذه عدت حيلة أكثر من كونها جادة، وقد تلقت انتقادات أكثر من النظر فيها. فهى قصيرة، أو تحتوى على مستويات تافهة من جوهر السياسة، أو تم تحريرها أو توجيهها بشكل كبير من قبل المشرعين البشريين (من خلال مطالبات محددة للغاية لأدوات الذكاء الاصطناعى القائمة على نموذج اللغة الكبيرة مثلChatGPT). لكن كل ذلك قابل للتطوير!

نعمة ونقمة

أول ما برز استخدام الذكاء الاصطناعى فى السياسة، كان فى الحملات الانتخابية الأمريكية التى قدمت سمعة سيئة بسبب الأخبار المزيفة والمعلومات الخاطئة والتحيز الخوارزمى. وهو الأمر الذى طرح سؤال الديموقراطية فى أروقة البحث. فبدأت منصات التواصل الاجتماعى فى طرح سياسات جديدة لمعالجة محتوى «التزييف العميق»، حظرت Meta التزييف العميق على منصاتها لكنها لا تزال ثابتة فى سياستها المتمثلة فى عدم التحقق من صحة السياسيين. لكنها منحازة لقيم الغرب وحملاته السياسية وتضليل الروايات الإعلامية الغربية.

إلى ذلك، تبرز مشكلة الاستغناء عن اليد العاملة، على الرغم من أن ثمة دراسات، تحدثت عن فرص عمل وفيرة يمكن أن تنتج عن الذكاء الاصطناعى (تسرد McKinsey أن نحو 400 حالة استخدام تمثل 6 تريليونات دولار فى 19 صناعة ستزيد فيها الذكاء الاصطناعى العمل البشرى). ذلك أن خلق الثروة العالمية سيؤدى بطبيعة الحال إلى خلق فرص العمل. لكن من المرجح أن يضطر العمال إلى تغيير وظائفهم فى كثير من الأحيان حيث يتولى الذكاء الاصطناعى العمل الروتينى، مما يزيد من مقدار فترات التحول فى مكان العمل، مما يتسبب فى أصوات من النقابات العمالية إلى مطالبة صانعى السياسات بتبسيط وتوسيع الرفاهية من أجل ضمان انتقال سلس للوظائف. خاصة إذا فشلت تنبؤات الاقتصاديين، ودمر الذكاء الاصطناعى وظائف أكثر مما خلق، حيث ذكر بعض الاقتصاديين والمستقبليين مثل يوفال نوح هرارى أنه لا يوجد قانون يضمن أن الوضع الاقتصادى سيتطور بنفس الطريقة التى تطور بها فى نهاية القرن 19.
فى المقابل، رأينا العديد من السياسيين يدرسون وجهات نظر الناس من خلال استخدام التقنيات، ثم تعديل وجهات نظرهم وفقا لكسب المزيد من الناخبين أو المؤيدين. حملة باراك أوباما الرئاسية لعام 2012، ناريندرا مودى فى عام 2014، دونالد ترامب فى عام 2016 كلها أمثلة رئيسية على كيف يمكن للذكاء الاصطناعى أن يكون أداة ناجحة فى السياسة.
والأهم، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعى إحدى أقوى الأدوات لصناع السياسات لمتابعة نهج سياسى قائم على البيانات، مع التعلم الآلى وتقنيات التحليلات التنبؤية. وسيوفر صورة دقيقة لما تحتاجه البلاد وكيف يمكن حل مشاكلها. مثلا، لنفترض أنه مع الذكاء الاصطناعى تمكنا من التنبؤ ببعض نقاط الضعف فى الاقتصاد التى يمكن أن تؤدى إلى المزيد من البطالة، فيمكننا حلها مسبقا، ضمن قدرة هائلة لتحليل كميات كبيرة من البيانات فى غضون ثوان قليلة، توفر على صناع السياسة مجموعات المستشارين الذين يحتاجون لأيام على الأقل لإنجازها، وتقليل تكاليف الحملات السياسية. كما يمكن للذكاء الاصطناعى تحسين إنتاجية النظام أثناء تحليل الثغرات فى النظام.
الذكاء الاصطناعى يحدد من يقود ومن يتخلف
سياسيا، من المرجح أن يؤدى الذكاء الاصطناعى إلى تغيير الطيف السياسى بأكمله. وتتفوق الرسائل السياسية التى يتم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعى على توصيات مستشارى الحملة فى اختبار استطلاعات الرأى. لذلك، تتطلب الاستفادة من الذكاء الاصطناعى فى السنوات المقبلة اتخاذ قرارات سياسية ذكية الآن. إذ يخلق الذكاء الاصطناعى الثروة العالمية وفرص العمل، ويجعل الحكومة أكثر كفاءة، وتمكين الصناعة من القيام بالمزيد بموارد أقل، وتعزيز التنمية، ومكافحة الأوبئة، وحماية البيئة. لكن من نتائجه أيضا أن عددا قليلا من البلدان والأفراد سيستولون على الجائزة. بينما يتخلف الباقون عن الركب. وخوارزميات البحث عن الربح التى تغزو الخصوصية، وتعطل الديمقراطية وتتوحش على الكوكب. الذكاء الاصطناعى هو جائزة عملاقة! ومن تخلف عنها لن يبلغ الثورة الصناعية الرابعة.

التعليقات