علاقة خطرة - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 12:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

علاقة خطرة

نشر فى : الجمعة 2 ديسمبر 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : الجمعة 2 ديسمبر 2022 - 8:25 م
موضوع هذا الفيلم يصلح فى كل زمان ومكان فهناك دوما علاقات تتجدد بين الأستاذ والتلميذة، والعكس أيا كان عمر الأستاذ فإن التلميذة دوما فتاة صغيرة السن خاصة فى المراهقة مشاعرها متفتحة تجاه الحب وترى فى أستاذها الشخصية المثالية الجديرة بالحب، هى جسد ناهد وهو بالإضافة إلى مهنته رجل له ظروفه ومن أولى قصص الأفلام ما قدمه المخرج البريطانى بيتر جلانفل فى فيلم شروط المحاكمة عام 1961 من بطولة لورانس أوليفيه وسيمون سينيوريه وسارة مايلز؛ حيث المدرس هنا عجوز تجاوز الخمسين، متزوج من امرأة بدينة أصابها الهرم ويقوم بالتدريس فى مدرسة أهلية ويتعرض للإغراء قبل الإغواء من تلميذته المراهقة ويجد نفسه مساقا إلى المحاكمة بتهمة التحرش بالتلميذة، والفيلم كله عبارة عن محاولة لإثبات براءة المدرس، وفى النهاية فإنه يحصل على براءة المحكمة ولكنه يظل محاطا باتهامات الأهل والأصدقاء، وهذه هى قيمة الفيلم أنك مهما برأتك المحكمة فالمجتمع سوف يدينك، وفى عام 1967 قدم لنا الفرنسى أندريه كيات فيلمه «أخطار المهنة» بطولة المطرب جاك بريل وإيمانويل ريفا، كان المدرس هنا أصغر سنا وزوجته ناضجة لكنها متماسكة القوام، والمدرس هنا يفاجأ بأن والدة إحدى الطالبات تتهمه بالتحرش بابنتها، ونكتشف أن الفتاة قد أخطأت مع شاب تعرفه وامتثلت لادعاءات أمها بأن المدرس هو المتحرش، فى عام 1981 كتب لنا مصطفى محرم فيلم علاقة خطرة أخرجه تيسير عبود، وقام ببطولته محمود ياسين الذى كان فى عمر يماثل جاك بريل فى الفيلم المشار إليه، وشاركته البطولة آثار الحكيم وهدى سلطان والفيلم تدور أحداثه فى مدينة بورسعيد مسقط رأس محمود ياسين والمكان المفضل لبعض أفلامه.
هنا اقتباس حقيقى، ومن الواضح أن المؤلف المصرى لم يذهب إلى أى من الفيلمين وحدهما بل قام بعمل مزيج ليخرج لنا بهذا الفيلم المصرى، وقد صرح لى بهذا الأمر، أى أن الفيلم ليس له مصدر واحد بل مصدران متشابهان أحدهما إنجليزى والآخر فرنسى، ومن المعروف أن المخرج البريطانى مهتم كثيرا بموضوعات التعليم فى أفلامه مثل فيلم {مدرسة المشاغبين} فى أفلامه، أما كيات فبحكم دراسته للقانون فإن أغلب أفلامه تدور فى محكام الأسرة أو فى العلاقات الإنسانية العاطفية مثل فيلمه الحياة الزوجية وغيره.
لا أعتقد بأن جيل القراء الحالى قد شاهد هذا الفيلم أو يعرفه وبالتالى يبدو العمل غريبا ومن المهم عمل مقارنة فالمدرس هنا يعيش أعزب فى منزل تقيم فيه تلميذته التى يدرس لها فى المدرسة أيضا، وتسعى الأم التى تعيش مع ابنتها فى البيت نفسه إلى أن تزوج وحيدتها من المدرس المستقيم وتعرف أن ابنتها قد تعرضت للتحرش من شاب فترمى بالاتهام ضد المدرس أنه هو من حاول التحرش بابنتها وقد فعل ذلك، إنه موضوع حساس لدى كل الشعوب ليس بسبب التحرش ولكن لأن أشرف مهنة هنا قد تعرضت للتلوث، والمدرس الذى خان عهدا مرة أمامه الفرص ليكررها مع بنات الأجيال القادمة، الأم هنا قوية الشتيمة تستخدم كافة أسلحتها، ومن هنا تبدو خطورة العلاقة فالفتاة مغلوبة على أمرها رغم أنها مغرمة بالشاب الآخر أما المدرس فإنه فى وضع حرج بعد أن تلوثت سمعته، وهذه هى النقطة التى التقطها الكاتب من الفيلم البريطانى الذى لم يكن لديه أى ميل أن يكون البطل رجلا تجاوز الخمسين، فنحن نعرف أن طبيعة السينما المصرية تميل إلى أن يكون الأبطال من الشباب القادرين، ولكن من المهم أن ندرك أن الفيلم المصرى تم تجويفه بشكل ملحوظ وترك لنا المدرس أعزل دون أن يجد من يدافع عنه؛ حيث إن المدرس فى الأفلام الأوروبية كان مسنودا بقوة من زوجته التى تدافع عنه، امرأة عجوز والأخرى فى منتصف العمر، والبطولة فى هذه الأفلام للزوجة التى تحيطها مشاعر الأنوثة ولكنها تعرف طبائع زوجها فلا تتخلى عنه.
اختار الكاتب فيلما دون آخر فى مسألة الإدانة رغم البراءة، مع الالتزام بحكاية التحرش فى مدينة صغيرة مثل بورسعيد وأيضا فى المدينتين فى الفيلمين الآخرين، فى هذه القضايا قد تتلاشى أهميتها فى المدن الكبرى لكنها فى مدينة صغيرة تصير محط اهتمام الناس وحديثهم فالناس التى تابعت جلسات المحاكمة تشعر بالإحباط والفراغ بعد صدور الحكم، ومن المهم هنا أن نتوقف عند عناوين تلك الأفلام فالفيلم البريطانى باسم فصول المحاكمة وقد عرض فى فرنسا باسم «المحاكمة» أما الفيلم الفرنسى فيحمل اسم «أخطار المهنة» ولا شك أن المهنة المقصودة هنا هى التدريس فى مثل هذا النوع من المدارس وأيضا أى مكان قد ينفرد فيه المدرس بتلميذته والجدير بالذكر أن السينما والأدب فى فرنسا قدموا هذه الموضوعات بكثرة ومن أبرزهم رواية عن علاقة اكتشفت فى أحد الفصول بين مدرس وتلميذته داخل المدرسة والفيلم يحمل عنوان «عراس متوحشة»، وفى هذا الفيلم مثلا فإن المدرس تم نقله ورفدت التلميذة التى ظلت تترقب أستاذها عن بعد لسنوات عديدة
على ما أذكر فليست لدينا أفلام كثيرة من هذه النوعية ويرجع ذلك إلى اهتمامات كتاب السيناريو وربما إلى إخفاق مصطفى محرم فى إيجاد حل أنسب لمثل ذلك الموضوع.
التعليقات