لم أشاهد فيلم المحاكمة إخراج «سيدنى لوميت» وبطولة بول نيومان، شارلوت رامبلينج، وجاك واردن، إنتاج 1982 حيث إنه عرض لأيام قليلة فى دور العرض المصرية، وهو فيلم من أفلام المحاكم، تدور أحداثها فى قاعات المحكمة حيث السجال كله من خلال الحوار والشخصية الرئيسية غالبا ما تكون المحامى أو القاضى، وهى أفلام يحبها المشاهد الغربى كثيرا لما بها من ذكاء وبلاغة لدى الأبطال، وهناك أدباء متخصصون فى كتابة هذا النوع من الروايات، فهى ليست أعمالا بوليسية ومنها أعمال جون كريشان، وقد تخصص لوميت فى عمل العديد من هذا النوع من الأفلام وقد اتصل بى صديقى عاشق السينما وأبلغنى أن هناك تشابها ملحوظا بين قصة هذا الفيلم وفيلم ضد الحكومة الذى أنتج فى مصر بعد هذا التاريخ بعشر سنوات بالضبط.
كان يجب مراجعة التشابه بين العملين وهما يدوران حول موضوع قضايا التعويضات باسم مافيا التعويضات، لم انتبه قط أن الفيلم الذى كتبه قصته وجيه أبو زكرى والذى عمل له السيناريو والحوار بشير الديك ومن إخراج عاطف الطيب هو قريب للغاية من الفيلم الأمريكى، حيث إن الفيلم عرض بعض فترة من حادث القطار الذى تحدثت عنه الصحف أن هناك بعض المحامين يستفيدون من حوادث الطرق والقطارات التى يتعرض لها المواطنون ويحققون أرباحا طائلة بعد الحصول على تعويضات ويدفعون منها جزءا إلى أهاليهم، وواضح أن الموضوع ليس مصريا تماما ولا أعرف هل كان أبو زكرى قد شاهد الفيلم الأمريكى أم لا لكن الفيلم المصرى يتحدث عن محامٍ يعمل فى هذا النوع من القضايا ويعتبر أنه خارج عن القانون يتلاعب به وهو واحد من مافيا عريضة من المحامين يحققون دخولا كبيرة بينما الأهالى لا يجدون التصرف هذا المحامى يقف إلى جواره، أما زملاؤه فإنهم يتنافسون معه فى البحث عن موكلين وعمل توكيلات قانونية يتولون بها الدفاع عن القضايا.
فى الفيلم الأمريكى، مثلما فى الفيلم المصرى فإن المحامى رجل غير نزيه يتعامل مع القضايا القذرة إلا أنه يتعرض لحادث ما فيتغير سلوكه ويتحول إلى الأفضل بما يسمى بالتطهر بالطبع هناك اختلاف بسيط بين الشخصيات وهناك صديق للمحامى فى الفيلم الأمريكى يقف فى البداية ضد صديقه ويهدده فى مستقبله المهنى إلا أنه لن يلبث أن يقتنع بوجهة نظره وهو المعادل الدرامى لشخصية المحامية التى جسدتها لبلبة حيث تقف فى البداية ضده ثم تبدأ فى الدفاع عنه.
مافيا التعويضات فى الفيلم الأمريكى تتمثل فى أن هناك كنيسة تقوم بأعمال غير خيرية وتقف إلى جوار الرجل أو الشاب الذى تعرض للحادث ويقف المحامى بقوة ضدها بعد أن تحول سلوكه.
فى الفيلم المصرى يحدث التطهر لدى عند المحامى أحمد زكى بعد أن اكتشف أن الشخص الذى يدافع عنه هو ابنه الذى ولد دون أن يعرف بعد أن قابل طليقته التى تركته وهى حامل، وتزوجت من رجل آخر ذى حيثية، هنا يبدأ الاختلاف فى الموضوع ويدخل بنا الفيلم إلى تفاصيل أخرى، وهذه هى ثمة التى يمكن ملاحظتها فى الكثير من الأفلام المقتبسة خاصة التى تحمل اسم بشير الديك الذى قدم لنا موضوع المحاكمات فى أفلام عديدة منها فيلم المحاكمة إخراج أحمد السبعاوى فهو يحب مثل هذا النوع من الأفلام ويجيد عمل إضافات عليها ومنهم فيلم الهروب الذى ينسب إلى كاتب آخر.
أحمد زكى تألق كعادته مع عاطف الطيب واستطاع فى هذه الفترة أن يحل مكان نور الشريف فى أفلام الكثير من المخرجين الذين اكتشفهم وقدمهم فى تجاربهم الأولى ومنهم سمير سيف ومحمد خان وعاطف الطيب.