تكنولوجيا التعليم - محمد زهران - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 11:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكنولوجيا التعليم

نشر فى : السبت 4 مارس 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : السبت 4 مارس 2023 - 8:05 م
عندما نتكلم عن دور التكنولوجيا فى التعليم فمن المرجح أن التفكير سيتجه إلى التعليم عن بعد أو كيفية وضع درجات الطالب «أونلاين» وما شابه مما نراه هذه الأيام، لكن الموضوع أكثر تعقيدا من ذلك وكى نعرف كيف نستفيد من التكنولوجيا فى العملية التعليمية يجب أولا أن نحلل ما تعنيه عبارة «العملية التعليمية» وما هى مكوناتها وعندئذ فقط نستطيع أن نفكر فى كيفية الاستفادة من التكنولوجيا فى كل مكون. سنتحدث عن التعليم الجامعى لأن هذا ما أعمل به وإن كان كثير مما سنقوله يصلح أيضا للتعليم المدرسى فى بعض مراحله. العملية التعليمية تتكون من ثلاثة عناصر: الطالب والأستاذ والإدارة وكل عنصر منهم يؤثر ويتأثر بالعناصر الأخرى.
الأجيال الجديدة من الطلاب أصبحت مختلفة للغاية عن الطلاب منذ عقدين من الزمان مثلا، أولا انتفت الحاجة للحفظ فى عصرنا فأصبحت قدرة الحفظ عند الطلاب ضعيفة، نحن نشجع التفكير لا الحفظ طبعا لكن هناك حد أدنى من الحفظ نحتاجه، على الأقل كيفية الوصول للمعلومة لأن محركات البحث وحدها غير كافية. ثانيا التركيز قل جدا عند الجيل الحالى الذى تربى على بوستات التويتر والفيسبوك وبالتالى قراءة مقال طويل أو كتاب أصبح من الأشياء الثقيلة على أغلب هذا الجيل. ثالثا جيل ألعاب الكمبيوتر التى تعتمد على الحركة السريعة قبل التفكير (مثل ألعاب الحروب والقتال) جعلت الجيل الجديد يحب الحركة حتى وإن كانت قبل التفكير المتأنى. رابعا نظرا لأن الجيل الحالى يدفع مصروفات عالية جدا فى المدارس والجامعات فإنه أصبح يتوقع خدمة فردية أى إن الأستاذ يصبح متفرغا له ويجيب على أسئلته هو فقط ويشرح بالطريقة التى تناسبه هو فقط، وحيث إن لكل منا طريقته فى تلقى المعلومة وفهمها فإن طريقة التدريس العامة المتمثلة فى أستاذ يشرح أمام الطلاب بطريقة معينة وسرعة معينة قد لا تناسب البعض. كل هذه الصفات لن تختفى ولنجاح العملية التعليمية يجب أخذها فى الاعتبار.
أما الأستاذ فيعتمد على ثلاثة أشياء: المادة العلمية وطريقة التدريس والأدوات المستخدمة فى التدريس، هذه الأدوات هى ما سنركز عليه فيما يتعلق بالتكنولوجيا لأنها ليست فقط أدوات تساعد على إعطاء المادة العلمية لكنها تساعد فى تقييم الطلاب وتساعد فى منع الغش وتساعد فى الإجابة على أسئلة الطلاب أيضا. لنتخيل ما تستطيع التكنولوجيا فعله هنا.
التكنولوجيا تساعد أثناء إلقاء المحاضرة عن طريق إتاحة الفرصة للطالب إدخال سؤاله عن طريق تليفونه المحمول مثلا ويظهر ذلك على شاشة أما الأستاذ، هذا قد يتم سواء كان التدريس فى قاعة المحاضرات أو عن بعد. هذه الطريقة تساعد الطلاب الذين قد يخجلون من طرح السؤال بأنفسهم. أيضا الأستاذ قد يسأل سؤالا ويدخل الطلاب إجاباتهم أثناء المحاضرة وتقوم البرمجيات بتجميع الإجابات وإظهارها للأستاذ حتى يرى مدى استيعاب الطلاب ويعدل من طريقته أو سرعته عند الحاجة، وقد تحلل البرمجيات تلك الإجابات وتعطى الأستاذ تقريرا أثناء المحاضرة نفسها عن الآراء المختلفة. بعد إنهاء المحاضرة والتى تكون مسجلة، هناك برمجيات جديدة تستطيع تلخيص المحاضرة للطلاب فى شكل نقاط وربط كل نقطة بالتوقيت التى تمت مناقشتها فيه فى تلك المحاضرة وبهذا يستطيع الطالب مراجعة المادة العلمية بالسرعة التى يريدها وحسب قدرة استيعابه وتركيزه، برمجيات الذكاء الاصطناعى خاصة تلك المتخصصة فى المحادثة تستطيع الإجابة عن أسئلة الطالب وقد رأينا ما يفعله (chatGPT) الآن من إبهار للعامة فليس الأمر محض خيال علمى، بل إنه قادم. تستطيع برمجيات الذكاء الاصطناعى أيضا مساعدة الأستاذ فى وضع الامتحانات، بل وتصحيح بعض أجزاء منها وكشف الغش فى كثير من الأحيان، ثم تقوم تلك البرمجيات بتحليل إجابات الطلاب وإعطاء الأستاذ كشفا بنقاط الضعف عند الطلاب حتى يتداركها فى المحاضرات المستقبلية، وتستطيع تلك البرمجيات أيضا إعطاء الأستاذ تقريرا عن كل طالب ونقاط قوته وضعفه، بل واقتراحات للاستفادة من نقاط القوة والتعامل مع نقاط الضعف.
لن نتحدث فى هذا المقال عن الإدارة، ولكن التكنولوجيا تساعد أيضا فى اتخاذ القرارات فيما يتعلق بتقييم الأساتذة وتقييم الطلاب وإدخال مواد دراسية جديدة (خاصة لو كنا نتحدث عن الدراسات الجامعية).
يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن فى العصر الحديث تتغير المادة العلمية بسرعة كبيرة وتتبدل متطلبات السوق من مهارات معينة مطلوبة كل عدة أشهر وهذا يحتاج أدوات تساعد القائمين على العملية التعلمية على التعامل مع تلك المتغيرات السريعة.
ما تحدثنا عنه فى هذا المقال هو نظرة سريعة فقط عما تستطيع التكنولوجيا عمله لكن الموضوع كبير ومتشعب وله أبعاد اقتصادية واجتماعية، وللحديث بقية.
محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات