على موعد مع امتحان سياسى جديد.. تنتظر القاهرة قدوم 2600 شخصية عالمية و350 طالبا وطالبة يمثلون المنظمات الطلابية حول العالم وممثلى 150 منظمة حقوق إنسان وعدد من كبار فنانى هوليوود ووفود برلمانية من 60 دولة للمشاركة فى مسيرة تبدأ من القاهرة يوم 27 من الشهر الحالى، للوصول إلى غزة فى الأول من يناير لكسر الحصار المفروض عليها..
وتنظم هذه المسيرة الحركة العالمية لمناهضة العولمة والهيمنة الأمريكية والصهيونية التى ذكر مسئولوها فى مفاجأة مذهلة بالنسبة لى أن الحكومة المصرية وافقت على قيام المسيرة وعرضت عليه أن تقوم هى بتنظيمها حتى تحقق أهدافها..!
وكان سبب المفاجأة يعود إلى تجاربى القديمة مع الحكومات المصرية المتعاقبة التى «تكره» التجمعات السياسية وتعتبر المظاهرات السلمية رجسا من عمل الشيطان ولا تتوانى عن ضرب المشاركين فيها بل وتقطيع ملابسهم أو ملابسهن إذا لزم الأمر أو حتى لم يلزم.. إضافة إلى أن هذه الحكومات لم تبد أى تعاطف حقيقى مع سكان غزة المحاصرين وكأنهم يستحقون العقاب لانتخابهم حماس..
وإن كان يحسب لها أنها غضت الطرف على بناء الأنفاق السرية فى رفح التى أثارت حفيظة إسرائيل وأمريكا ضدها، كما بذلت ــ ولاتزال ــ جهود سياسية شاقة للإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الأسير الإسرائيلى شاليط.
وقبل ذلك كله، فإن الحكومة المصرية التى سمحت بـ«اندلاع» الاحتجاجات الشعبية ضد الجزائريين بعد موقعة الخرطوم الكروية، من الصعب عليها أن تمنع الاحتجاجات الشعبية على الحصار الإسرائيلى الجائر على غزة.. كما أن هذه المسيرة تعتبر فرصة ذهبية لترسيخ ثقافة المسيرات والمظاهرات فى مصر لدى المؤسسات الأمنية التى تحكمنا، فالمسيرات ليست فقط إحدى أهم أدوات العمل السياسى ولكنها فى الأساس حق من حقوق الإنسان، لا يجدر بأى حكومة محترمة أن تمنعه عن مواطنيها.
ولاشك أن مشاركة مئات الآلاف ولا أريد أن أقول الملايين من المصريين فى الطريق إلى غزة سوف يكون خير افتتاح لموسم سياسى ساخن نشهد فيه انتخابات برلمانية ورئاسية، يمكننا من خلالها أن نجعلها لأول مرة منذ عقود طويلة نظيفة ونزيهة، لنبدأ بعدها رحلة الألف ميل لمواجهة القبح الذى ينتشر ويتغلغل ويتوغل فى أرض مصر!