رسالة إلى الرئيس: أوقف الجنازات قبل رفع المعاشات - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 4:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسالة إلى الرئيس: أوقف الجنازات قبل رفع المعاشات

نشر فى : الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 5 فبراير 2013 - 8:00 ص

لا قيمة لأى إجراء لرفع مستوى المعيشة بينما الدم لا يزال يسيل فى الشوارع والميادين.. لا معنى لرفع المعاشات، بينما المماتات سهلة والجنازات تدور حاملة أكفان شباب وضع بذرة للحياة الأفضل والأرقى فحصد الموت، برصاصة فى الرأس أو حفلة تعذيب فى معتقل أو مركز للاحتجاز.

 

إن تحريك المعاشات بنسبة عشرين فى المائة لا يساوى وزن خردلة أمام وقائع الرحيل الدامى للشاب محمد الجندى بالطريقة ذاتها التى كانت تنتهى بها حياة الشباب الحالم بالتغيير أيام مبارك والمجلس العسكرى، والأجدر بك سيادة الرئيس أن تهتم بما يحفظ حياة الناس قبل أن تفكر فى تحسين المعيشة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال اقتحام حقيقى وجاد يحيل ماكينة نظام مبارك إلى الاستيداع، ويحقق أهداف الثورة التى حولتك من سجين إلى رئيس، وأظنك تعلم أنها كانت ثورة الكرامة الإنسانية قبل أن تكون انتفاضة لقمة العيش.

 

لقد كان أول هتاف جرى على لسان الثورة هو «تغيير حرية عدالة اجتماعية» ولم يكن «العيش» أول مفرداتها كما يظن البعض، وليصحح لى المعلومة الذين طلعوا إلى الميدان يوم ٢٥ يناير ٢.١١، وبالتالى فقد هتف المصريون بصدورهم العارية من أجل التغيير، وهو ما لم يشعر به الناس مع تعاقب الوقائع المقبضة للرحيل تعذيبا وسحلا وصعقا بالكهرباء.

 

وهاهى التقارير الطبية تنطق بالمأساة وتعلن أن الجندى قتل كما قتلوا خالد سعيد وسيد بلال وقائمة طويلة من شهداء الآلة الأمنية العقيمة، ليصحو الجميع على كابوس مفزع حذرت منه فى هذا المكان فى أول نوفمبر الماضى تحت عنوان «شرطة مرسى.. شرطة مبارك» وقلت فيه:

 

«يبدو أن البعض نسى بسرعة التاريخ الذى اندلعت فيه الثورة ومدلولاته الاجتماعية والسياسية، وحتى لا ننسى، فقد انطلقت ثورة الكرامة الإنسانية يوم ٢٥ يناير، ذلك اليوم الذى كان يجرى الاحتفال فيه كل عام بعيد الشرطة.

 

إن دلالة اختيار ذلك اليوم للثورة لا ينبغى أن تغيب أبدا عن عقل كل حصيف فى هذا البلد، ذلك أن المصريين ثاروا بعد أن ضجوا بانتهاك كرامتهم وآدميتهم على يد شرطة حسنى مبارك، بحيث يمكن القول إنها كانت ثورة على الدولة البوليسية القمعية الباطشة»

 

وربما يقول البعض أن الجندى وغيره دفعوا حياتهم ثمنا لمغامرات جنرالات فشلوا فى السياسة فقرروا أن يعوضوا فشلهم بممارسة لعبة العنف والدم، وهذا صحيح على وجه من الوجوه، غير أن الثابت أن المسئولية الأكبر عن هذا التصلب فى شرايين السياسة تقع على من بيده السلطة ويتحملها الممسك بعجلة القيادة.

 

والثابت أيضا أن بارونات الشحن والكراهية ساهموا فى تقطيع أوصال الممارسة السياسية الجادة، ولجأوا إلى إشعال النار فى كل دعوة للعقل وللحوار الجاد، وكرسوا كل طاقتهم لإيجاد مراعى القتل والعنف، هربا من لحظة انتخابات قادمة، لكن هذا لا يعفى السلطة من تحمل القدر الأكبر من المسئولية.

 

لقد كان حريا بالسلطة ألا تستسلم لوهم قسمة مصر على اثنين، قسم لها، والآخر لجبهة أولئك الذين استنفدوا عدد مرات الرسوب، وكان جديرا بها أن تصل إلى جمهور الثورة الحقيقى وتتواصل معه مباشرة دون حاجة إلى وسطاء وسماسرة، والطريق سهل وواضح : تغيير حقيقى وتطهير جاد وموضوعى لتراث الاستبداد والبطش.

وائل قنديل كاتب صحفي