فى الصف الأول الابتدائى كانت لدى معلمة اسمها أبله عنايات. كانت تضربنى دون سبب. كنت أشعر بالخوف. كرهت أبلة عنيات. كانت تعلم ذلك وتطلب منى أن أكتب فى كراستى كل يوم «أحب أبلة عنايات» مئة مرة. كان هذا صعبا. قلت فى نفسى سأضربها عندما أكبر.
جاءتنا أبلة جديدة اسمها أبلة ريهام. كانت تضربنا دون سبب. كانت تنتهك براءة الأطفال وتشهر بهم، وتدمر حياتهم. كانت تهين الفتيات، والقانون، والفقراء. كانت تهين العدالة، وتدين الناس دون سند من قانون.
أبله ريهام تكره الفقراء فى كل مكان: فى مصر، وفى غزة، وفى سوريا. تشهر بهم وتنتهك كرامتهم. كرهت أبلة ريهام لأنها من الأشرار. الكبار يحبون أبلة ريهام ويساعدونها كثيرا. يقولون إنها سيدة طيبة وتصنع لهم نقودا كثيرة، تعطى بعضا منها للمحتاجين. الكبار يقولون إن الله يحب الفقراء، لكنهم يحبون النقود أكثر من الفقراء كثيرا.
شعرت بالغضب من أبلة ريهام. غضب كل من معى فى الفصل وصنعنا ضجة كبيرة. سمع الكبار الهرج والمرج وجاءوا. استمعوا لنا وقالوا «لم نكن نعلم أنها تفعل ذلك.. معكم حق.. سنقرص أذنيها». رأيتهم يتغامزون ويتبادلون الابتسامات وهم يغادرون الفصل. غابت أبله ريهام لوهلة.
بعد أيام أعاد الكبار أبلة ريهام. قالوا إنها تحب الوطن وتعطف على الفقراء. أمرونا أن نحبها. ذكرتهم بأنهم قالوا إن معنا حق، فرد الكبار «لم نقل شيئا». فتحت كراستى لأكتب «أكره أبله ريهام» ولكننى فوجئت بأبلة عنايات تقف إلى جوارى. صفعتنى على وجهى قبل أن ألمس الكراسة وصرخت: أبلة ريهام جميلة. لابد أن تحبها. واجبك المنزلى أن تكتب «أحب أبلة ريهام وأبلة عنايات» خمسمائة مرة.
كان هذا صعبا.
فى شارعنا شرطى. أحب الشرطى فى شارعنا. كانت معه صفارة وكان يطارد اللصوص ويحمينا من المجرمين. كان يلقى القبض عليهم ويأخذهم إلى قسم الشرطة. سميته الشرطى الطيب. الشرطى الطيب يحب القانون ويحترم العدالة. أحب الشرطى الطيب كثيرا. فى شارعنا شرطى آخر فظ وغليظ، ويكره الناس ويبطش بهم. سميته الشرطى الشرير. ألقى القبض ظلما على كثيرين دون وجه حق، وعذب واعتدى على كثيرين. فى الشهر الماضى وحده عذب الشرطى الشرير أكثر من أربعين شخصا وتسبب فى موت ثلاثة عشر آخرين.
عندما كتبت فى كراستى «أحب الشرطى الطيب وأكره الشرطى الشرير» ظهرت أبلة عنايات مرة أخرى. وأخذتنى إلى ناظر المدرسة وقالت «إنه يكره الوطن». غضب الناظر وقال لى ينبغى أن تحب الوطن. قلت له إننى أحب الوطن وأحب الشرطى الطيب ولكننى فقط أكره الشرطى الشرير. قال الناظر بغضب لا يوجد شرطى شرير. أنت صغير. عندما تكبر ستعرف أن هذه تسمى حالات فردية. واجبك المنزلى اليوم أن تكتب فى كراستك «أحب الشرطى الشرير» ألف مرة. كان هذا صعبا.
أحب الطيبين وأكره الأشرار. الكبار لا يعجبهم ذلك. الكبار يقولون إنه من الطبيعى أن نحب الطيبين ولكن حب الأشرار دليل أقوى على حب الوطن. يريدون منى أن أكتب فى كراستى أننى أحب أبلة عنايات، وأبلة ريهام، والشرطى الشرير وغيرهم كثيرون. لا أستطيع أن أفعل ذلك. أكره أبلة عنايات وأبلة ريهام وكل الأشرار. عندما أكبر سأضربهم جميعا. وربما أضرب الكبار أيضا.