هل يمكن أن تصمد الشركات الثلاث الكبرى؟ - ديفيد س. برودر - بوابة الشروق
الجمعة 18 أبريل 2025 8:12 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

هل يمكن أن تصمد الشركات الثلاث الكبرى؟

نشر فى : الأربعاء 6 مايو 2009 - 10:31 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 مايو 2009 - 10:31 ص

 عندما كنت فى المدرسة الثانوية، منحنى أبواى 15سهما فى جنرال موتورز، وكانت قيمتها آنذاك 600 دولار تقريبا، وألقيا علىّ محاضرة حول الاستثمار فى أمريكا. وقالا لى إنها شركة عظيمة، وإنى أصبحت امتلك جزءا منها، وعلىّ أن أتمسك بها حتى تزداد استثماراتى.

وكان لديهما تلك الثقة ــ بالرغم من أنهما قد خرجا لتوهما من مرحلة الكساد العظيم ــ لأنهما كانا يدركان مدى عمق الارتباط بين جنرال موتورز ومنتجاتها وبين نمط الحياة الأمريكية. فلم يقتصر هذا التأثير على أغنية داينا شور الشائعة «شاهد الولايات المتحدة عبر سيارتها الشيفروليه» بل إن يانسن شيفروليه كان يقع بالقرب من الشارع، الذى يضم عيادة الأسنان المملوكة لوالدى، وعندما كانت تستهلك بعض أجزاء سيارة والدى القديمة، كان بيرت يانسن يعرض استبدالها، ومن ثم نحصل على شيفورليه جديدة.

ولم أبع أبدا الأسهم التى أمتلكها فى جنرال موتورز. ويعود ذلك جزئيا إلى الاحترام الذى أكنه لوالدى، وجزئيا بسبب الأسهم الجديدة التى كنت أحصل عليها فى صورة توزيعات أرباح، وكذلك ارتفاع سعر السهم من عام إلى آخر. والآن أصبحت قيمة جميع الأسهم، التى تراكمت لدىّ خلال نحو 60 عاما تقل عما دفعه والداى فى الـ 15سهما الأصلية. وحيث إنى من دافعى الضرائب، فأنا ــ مثلى مثل ملايين آخرين ــ أُعتبر الآن دائنا لكل من جنرال موتورز وكريسلر. غير أنى عندما أنظر إليهما، غالبا ما ينتابنى شعور بالأسف.

وتقع صناعة السيارات الأمريكية ضحية لظروف متغيرة ومشكلات نابعة من ذاتها ــ وربما ذلك هو الأهم. وعندما بدأت أزور ديترويت بانتظام كمراسل سياسى فى نهاية الخمسينيات، كان عقلاء تلك المنطقة يناقشون ضيق الأفق، الذى يتسم به الرؤساء التنفيذيون لشركات السيارات الثلاث، وعائلاتهم، اللاتى تعشن حياة رغدة فى الضواحى. وعندما كانت المنافسة مقتصرة على الشركات الثلاث، كانت الأمور تسير بشكل جيد. ولكن منذ بدأ العالم يطرق باب ديترويت، كانت تلك الشركات فى حالة غفوة.

لم يفكر والداى أبدا فى شراء سيارة ليست أمريكية الصنع. ولا أنا فكرت فى ذلك ــ إلى أن أرسلنى الجيش إلى أوروبا فى بداية الخمسينيات ورأت التصميمات الأولى من فولكس فاجن ورينو وفيات. وكانت تلك سيارات صغيرة ورخيصة.

وآنذاك اشتريت سيارة فيات مستعملة ــ سيارة ميكى ماوس ــ كى أقضى بها العطلات. وبالرغم من أنها كانت ضعيفة للغاية حتى أنها كانت بالكاد تستطيع الصعود إلى التل، إلا أنها حققت الغرض منها. وعندما انتهت مهمتى قمت ببيعها، واشتريت بعدما عدت إلى بلادى سيارة بليموث.

وعندما أصبح جون كيندى رئيسا للولايات المتحدة، كان لدينا أربعة أولاد صغار. وكان الانتقال بالأولاد ولوازمهم إلى الكابينة، التى نمتلكها فى ميتشيجان بمثابة مشكلة كبيرة. كانت سيارات فولكس فاجن رحبة واقتصادية مقارنة بأى وسيلة نقل أخرى.

واشترينا سيارات مستعملة من هذا النوع، الواحدة تلو الأخرى. وبالرغم من أن سير المروحة كان يُقطع بسهولة مثله مثل شرائط المطاط، فإن السيارة كانت رخيصة ومن السهل استبدالها.

ثم ظهرت السيارات اليابانية، والتى سرعان ما استطاعت تجاوز السمعة السيئة، التى كانت تحيط بها فى البداية، وتحدت ديترويت فى عقر دارها. ولم تكن السيارات اليابانية وحدها تشير إلى أن العالم يتغير، ولكن جورج روميرى بدأ فى إنتاج سيارات رامبلرز الرياضية فى ويسكنسون، والتى استطاعت أن تقتطع جزءا كبيرا من مبيعات الشركات الثلاث الكبرى.

وفى الوقت الذى كان الجمهوريون يعقدون فيه مؤتمرهم القومى فى ديترويت عام 1980، كان واضحا أن صناعة السيارات الأمريكية أصبحت تواجه تحديا حقيقيا. فقد أقمنا فى بيت مُستأجر فى جروس بوينت خلال المؤتمر، وكان جيراننا قلقين بشأن ما يسمعونه فى أماكن عملهم.

والآن بعد مرور نحو ثلاثة عقود على ذلك، تعكف الشركات الثلاث والمتعاملون معها ودائنوها وعمالها على وضع ترتيبات يائسة لمواجهة الأوضاع المتدهورة.

هل تستطيع الشركات الثلاث الصمود؟ آمل ذلك بالقطع، لكن عندما أنظر إلى ما حدث فى مدينة ديترويت ــ حيث المنازل مطروحة للبيع والشوارع خاوية والصحف تواجه صعوبات ــ يجب أن تنتابنى شكوك فى ذلك. فقد تجاهلت هذه الصناعة عديدا من علامات التحذير. فهل يمكنها الآن أن تستجيب؟.

ديفيد س. برودر كاتب في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية
التعليقات