إذا كان البعض رأى أن خوض المشير عبدالفتاح السيسى انتخابات الرئاسة التى جرت عام 2014 واجب باعتباره مرشح ضرورة، فمن الأوجب وبعد ثلاث سنوات قضاها الرئيس فى الحكم أن تتوافق القوى الديمقراطية التى شاركت فى ثورة 25 يناير وموجتها التصحيحية فى 30 يونيو على مرشح رئاسى ينافس السيسى فى المعركة الرئاسية التى ستدور رحاها بعد شهور.
وإذا كان هؤلاء قد اعتبروا أن الخلفية العسكرية لـ«مرشح الضرورة» تغنيه عن طرح برنامج انتخابى رئاسى يعرض فيه رؤيته لحل أزمات البلاد ومواجهة المخاطر التى تحيط بها فى تلك اللحظة، فإن الضرورة الآن تفرض على أصحاب الكفاءات من جميع التيارات صياغة برنامج انتخابى يسحب مصر من نفق «شبه الدولة» إلى مسار الدولة التى وضعت قواعدها فى ميادين الثورة قبل 6 أعوام.
خلال مؤتمر اندماج حزبى الكرامة والتيار الشعبى الذى عقد قبل يومين دعا المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى إلى تشكيل هيئة وطنية من القوى المحسوبة على ثورة 25 يناير للاتفاق على دعم مرشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، «إن المعركة الرئاسية المقبلة تحتم على التيار المدنى الوحدة والعمل بدءً من الآن، من أجل اختيار مرشح وبرنامج رئاسى وفريق معاون له، بهدف استكمال أهداف الثورة التى انقلب عليها نظام الحكم الحالى».
وأغلق صباحى الباب أمام ترشحه فى المعركة المقبلة، «ترشحت مرتين فى 2012 و2014، والآن أدعوكم لاختيار مرشح سأكون جنديا فى حملته».
خرج صباحى من دائرة «مرشح الضرورة» الجديد، فجرح المشاركة فى معركة 2014 لا يزال غائرا وأصحاب الرايات الحمراء ينتظرون نزوله الملعب كى يقصفونه بدانات القذارة كما اعتادوا.
فى ذات المؤتمر ظهر المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات وألقى كلمة اعتبر فيها الانتخابات الرئاسية المقبلة فرصة لتصحيح مسار الثورة، ودعا القوى المدنية إلى التوحد: «توحدوا ولا تنقسموا، فالحكام يدعون أنهم يطبقون القانون لكنهم أبعد ما يكونون عنه، كما أننا لا نطبق الدساتير وليس لدينا برلمان أو سلطة قضائية فى ظل تغول السلطة التنفيذية عليهما».
فسر البعض حضور جنينة مؤتمر الكرامة بأنه سيكون «مرشح الضرورة» الذى سيحظى بتوافق القوى الديمقراطية، وهو ما نفته مصادر قريبة منه، مشيرة إلى وجود مانع دستورى يحول دون خوضه المعركة الانتخابية، فزوجة القاضى السابق فلسطينية، ووفقا للمادة 141 من الدستور يجب ألا يكون مرشح الرئاسة قد حمل أى من والديه أو زوجه جنسية دولة أخرى.
فى رحلة البحث عن «مرشح ضرورة» عرض بعض السياسيين على وزير الخارجية السابق نبيل فهمى فى جلسة خاصة قبل أيام خوض المعركة الرئاسية المقبلة لكنه اعتذر، نفس المجموعة أصطدمت بموقف مماثل من نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور زياد بهاء الدين الذى أبدى لهم عدم رغبته فى المشاركة، وتواصل أحدهم مع الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى فأخبره بأنه لن يعاود الكرة.
ومع تعدد الاعتذارات اتجهت أنظار مجموعة البحث عن مرشح ضرورة جديد إلى شخصيتين قضائيتين، كليهما يملك القدرة على مواجهة الرئيس السيسى فى تلك المعركة وإقناع الرأى العام بضرورة الخروج من نفق «شبه الدولة» وخلق قاعدة من المؤيدين المنتسبين إلى الطبقة الوسطى المتعلمة المثقفة حسب تقديراتهم، الأول هو المستشار هشام البسطويسى المرشح الرئاسى السابق الذى خاض معركة 2012 بلا تنظيم أو حملة انتخابية أو حتى تمويل يكفى مرشحا فى انتخابات برلمانية، أما الثانى فهو المستشار يحيى دكرورى الذى أصدر الحكم التاريخى بمصرية جزيرتى تيران وصنافير قبل نحو عام.
خلال أيام سيتسلم الرئيس السيسى قائمة بأسماء أقدم ثلاث قضاة بمجلس الدولة، تمهيدا لصدور قرار رئاسى باختيار أحدهم كرئيس للمجلس وفقا لتعديلات قانون الهيئات القضائية، لو صدقت التوقعات واستبعد القرار المستشار يحيى دكرورى أقدم المرشحين، فستتوجه مجموعة البحث إلى قاضى تيران وصنافير لإقناعه بخوض المعركة الرئاسية.. فهل يختار السيسى منافسه بقرار جمهورى؟.